وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن و يرضين بما آتيتهن كلهن ولله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما [ 51 ] ) الإشارة إلى شيء مما تقدم و هو أقربه فيجوز أن تكون الإشارة إلى معنى التفويض المستفاد من قوله ( ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من تشاء ) ويجوز أن تكون الإشارة إلى الابتغاء المتضمن له فعل ( ابتغيت ) أي فلا جناح عليك في ابتغائهن بعد عزلهن ذلك أدنى لأن تقرأ أعينهن . والابتغاء : الرغبة والطلب والمراد هنا ابتغاء معاشرة من عزلهن .
فعلى الأول يكون المعنى أن في هذا التفويض جعل الحق في اختيار أحد الأمرين بيد النبي A ولم يبقى حقا لهن فإذا عين لإحداهن حالة من الحالين رضيته به لأنه يجعل الله تعالى على حكم قوله ( ولا كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن كون لهم الخيرة من أمرهم ) فقرت أعين جميعهن بما عينت لكل واحدة لأن الذي يعلم أنه لاحق له في شيء كان راضيا بما أوتي منه وإن علم أن له حقا حسب إنما يؤتاه أقل من حقه وبالغ في استيفائه . وهذا التفسير مروي عن قتاده وتبعه الزمخشري وأبن العربي والقرطبي وابن عطية وهذا يلائم قوله ( ويرضين ) ولا يلائم قوله ( أن تقر أعينهن ) لأن قرة العين إنما تكون بالأمر المحبوب وقوله ( ولا يحزن ) لأن الحزن من الأمر المكدر ليس باختياري كما قال النبي A " فلا تلمني فيما لا أملك " .
A E وعلى الوجه الثاني يكون المعنى : ذلك الابتغاء بعد العزل أقرب لأن تقر أعين اللاتي كنت عزلتهن . ففي هذا الوجه ترغيب للنبي A في اختيار عدم عزلهن عن القسم وهو المناسب لقوله ( أن تقر أعينهن ولا يحزن ) كما علمت آنفا ولقوله ( ويرضين... ) ولما فيما ذكر من الحسنات الوافرة التي يرغب النبي A في تحصيلها لا محالة وهي إدخال المسرة على المسلم وحصول الرضا بين المسلمين مما يعزز الاخوة الإسلامية المرغوب فيها . ونقل قريب من هذا المعنى عن ابن عباس ومجاهد واختاره أبو علي الجبائي وهو الأرجح لأن قرة العين لا تحصل على مضض ولأن الحط في الحق يوجب الكدر . ويؤده أن النبي A لم يأخذ إلا به ولم يحفظ عنه أنه آثر إحدى أزواجه بليلى سوى ليلة سودة التي وهبتها لعائشه أستمر ذلك إلى وفاته A . وقد جاء في الصحيح أنه كان في مرضه الذي توفي فيه يطاف به كل يوم على بيوت أزواجه وكان مبدأ شكواه في بيت ميمونة إلى أن جاءت نوبه ليلة عائشة فأذن له أزواجه أن يمرض في بيتها رفقا به .
وروى عنه A انه قال حين قسم لهن " اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما لا املك " ولعل ذلك كان قبل نزول التفويض إليه بهذه الآية .
وفي قولة ( ويرضين بما آتيتهن كلهن ) إشارة إلى أن المراد الرضا الذي يتساوين فيه وإلا لم يكن للتأكيد ب ( كلهن ) نكتة زائدة فالجمع بين ضميرهن في قوله ( كلهن ) يومئ إلى رضا متساو بينهن .
وضميرا ( أعينهن ولا يحزن عائده إلى ( من ) في قوله ( ممن عزلت ) . وذكر ( ولا يحزن ) بعد ذكر ( أن تقر أعينهن ) مع ما في قرة العين من تضمن معنى انتفاء الحزن بالإيماء إلى ترغيب النبي A في ابتغاء بقاء جميع نسائه في مواصلته لأن في عزل بعضهن حزنا للمعزولات وهو بالمؤمنين رؤوف لا يحب أن يحزن أحدا .
و ( كلهن ) توكيد لضمير ( يرضين ) أو يتنازعه الضمائر كلها .
والإيتاء : الإعطاء وغلب على إعطاء الخير إذا لم يذكر مفعوله الثاني أو ذكر غير معين كقوله ( فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ) فإذا ذكر مفعوله الثاني فالغالب أنه ليس بسوء . ولا أره يستعمل في إعطاء السوء فلا تقول : آتاه سجنا وآتاه ضربا إلا في مقام التهكم أو المشاكلة فما هنا من القبيل الأول ولهذا يبعد تفسيره بأنهن ترضين بما أذن الله فيما لرسوله من عزلهن وإرجائهن . وتوجيهه في الكشاف تكلف .
والتذييل بقوله ( والله يعلم ما في قلوبكم وما كان الله عليما حليما ) كلام جامع لمعنى الترغيب والتحذير ففيه ترغيب للنبي A في الإحسان أزواجه وإمائه والمتعرضات للتزوج به وتحذير لهن من إضمار عدم الرضا بما يلقينه من رسول الله A