وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والآن نريد أن ننقل مجرى الكلام إلى التسليم بوقوع ما روي من الأخبار الواهية السند لكي لا نترك في هذه الآية مهواة لأحد . ومجموع القصة من ذلك : أن النبي A جاء بيت زيد يسأل عنه فرأى زينب وقيل رفعت الريح ستار البيت فرأى النبي E زينب فجأة على غير قصد فأعجبه حسنها وسبح لله وأن زينب علمت أنه وقعت منه موقع الاستحسان وأن زيدا علم ذلك وانه أحب أن يطلقها ليؤثر بها مولاه النبي A وأنه لما اخبر النبي A بذلك قال له : ( أمسك عليك زوجك ) " وهو يود طلاقها في قلبه ويعلم أنها صائرة زوجا له " .
وعلى تفاوت أسانيده في الوهن ألقي إلى الناس في القصة فانتقل غثه وسمينه وتحمل خفه ورزينه فأخذ منه كل ما وسعه فهمه ودينه . ولو كان كله واقعا لما كان فيه مغمز في مقام النبوة .
فأما رؤية زينب في بيت زيد إن كانت عن عمد فذلك أنه استأذن في بيت زيد فإن الاستئذان واجب فلا شك أنه رأى وجهها وأعجبته ولا أحسب ذلك لأن النساء لم يكن يسترن وجوههن قال تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) " أي الوجه والكفين " وزيد كان من أشد الناس اتصالا بالنبي وزينب كانت ابنة عمته وزوج مولاه ومتبناه فكانت مختلطة بأهله وهو الذي زوجها زيدا فلا يصح أن يكون ما رآها إلا حين جاء بيت زيد وأن كانت الريح رفعت الستر فرأى من محاسنها وزينتها ما لم يكن يراه من قبل فكذلك لا عجب فيه لأن رؤية الفجأة لا مؤاخذة عليها وحصول الاستحسان عقب النظر الذي ليس بحرام أمر قهري لا يملك الإنسان صرفه عن نفسه وهل استحسان ذات المرأة إلا كاستحسان الرياض والجنات والزهور والخيل ونحو ذلك مما سماه الله زينة إذا لم يتبعه النظار نظرة .
وأما ما خطر في نفس النبي A من مودة تزوجها فإن وقع فما هو بخطب جليل لأنه خاطر لا يملك المرء صرفه عن نفسه وقد علمت أن قوله ( وتخشى الناس ) ليس بلوم وأن قوله ( والله أحق أن تخشاه ) ليس فيه لوم ولا توبيخ على عدم خشية الله ولكنه تأكيد لعدم الاكتراث بخشية الناس .
وإنما تظهر مجالات النفوس في ميادين الفتوة بمقدار مصابرتها على الكمال في مقاومة ما ينشأ عن تلك المرائي من ضعف في النفوس وخور العزائم وكفاك دليلا على تمكن رسول الله A من هذا المقام هو أفضل من ترسيخ قدمه في أمثاله أنه لم يزل يراجع زيدا في إمساك زوجه مشيرا عليه بما فيه خير له وزيد يرى ذلك إشارة ونصحا لا أمرا وشرعا .
A E ولو صح أن زيدا علم مودة النبي A تزوج زينب فطلقها زيدا لذلك دون أمر من النبي E ولا التماس لما كان عجبا فإنهم كانوا يؤثرون النبي A على أنفسهم وقد تنازل له دحية الكلبي عن صفية بنت حيي بعد أن صارت له في سهمه من مغانم خيبر وقد عرض سعد بن الربيع على عبد الرحمان بن عوف أن يتنازل عن إحدى زوجتيه يختارها للمؤاخاة التي آخى النبي A بينهما .
وأما إشارة النبي E على زيد بإمساك زوجه مع علمه بأنها ستصير زوجة له فهو أداء لواجب أمانة الاستنصاح والاستشارة وقد يشير المرء بالشيء يعلمه مصلحة وهو يوقن أن إشارته لا تمتثل . والتخليط بين الحالتين تخليط بين التصرف المستند لما تقتضيه ظواهر الأحوال وبين ما في علم الله في الباطن وأشبه مقام به مقام موسى مع الخضر في القضايا الثلاث . وليس هذا من خائنة الأعين كما توهمه من لا يحسن لأن خائنة الأعين المذمومة ما كانت من الخيانة والكيد .
ولي هو أيضا من الكذب لأن قول النبي عليه الصلاة والسلام لزيد ( أمسك عليك زوجك واتق الله ) لا يناقض رغبته في تزوجها وإنما ينقاضه لو قال : إني أحب أن تمسك زوجك إذ لا يخفى أن الاستشارة طلب النظر فيما هو صلاح للمستشير لا ما هو صلاح للمستشار . ومن حق المستشار أعلام المستشير بما هو صلاح له في نظر المشير وإن كان صلاح المشير في خلافه فضلا على كون ما في هذه القصة إنما تخالف بين النصيحة وبين ما علمه الناصح من أن نصحه لا يؤثر