وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والخشية هنا كراهية ما يرجف به المنافقون والكراهة من ضروب الخشية إذ الخشية جنس مقول على أفراده بالتشكيك فليست هي خشية خوف إذ خشية النبي A لم يكن يخاف أحد من ظهور تزوجه بزينب ولم تكن قد ظهرت أراجيف المنافقين بعد ولكن النبي A كان يتوسم من خبثهم وسوء طويتهم ما كان منهم في قضية الإفك ولم تكن خشية تبلغ به مبلغ صرفه عما يرغبه بدليل أنه لم يتردد في تزوج زينب بعد طلاق زيد ولكنها استشعار في النفس وتقدير لما سيرجفه المنافقون .
والتعريف في ( الناس ) للعهد أي تخشى المنافقين أي يؤذوك بأقوالهم .
وجملة ( والله أحق أن تخشاه ) معترضة لمناسبة جريان ذكر خشية الناس والواو اعتراضية وليست واو الحال فمعنى الآية معنى قوله تعالى ( فلا تخشوا الناس واخشون ) . وحملها على معنى الحال هو الذي حمل كثيرا من المفسرين على جعل الكلام عتابا للنبي A .
و ( أحق ) اسم تفضيل مسلوب المفاضلة فهو بمعنى حقيق إذ ليس في الكلام السابق ما يفيد وقوع إيثار خشية الناس على خشية الله ولا ما يفيد تعارضا بين الخشيتين حتى يحتاج إلى ترجيح خشية الله على خشية الناس والمعنى : والله حقيق بأن تخشاه .
وليس في هذا التركيب ما يفيد أنه قدم خشية الناس على خشية الله لأن الله لم يكلفه شيئا فعمل بخلافه .
وبهذا تعلم أن النبي A ما فعل إلا ما يرضي الله وقد قام بعمل الصاحب الناصح حين أمر زيدا بإمساك زوجه وانطوى على علم صالح حين خشي ما سيفترضه المنافقون من القالة إذا تزوج زينب خفية أن يكون قولهم فتنة لضعفاء الإيمان كقوله للرجلين اللذين رأياه في الليل مع زينب فأسرعا خطاهما فقال " على رسلكما إنما هي زينب . فكبر ذلك عليهما وقالا : سبحان الله يا رسول الله . فقال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم خشيت أن يقذف في قلوبكما " .
فمقام النبي A في الأمة مقام الطبيب الناصح في بيمارستان يحوي أصنافا من المرضى إذا رأى طعاما يجلب لما لا يصلح ببعض مرضاه أن ينهي عن إدخاله خشية أن يتناوله من المرضى من لا يصلح ذلك بمرضه ويزيد في علته أو يفضي إلى انتكاسه .
A E وليس في قوله ( وتخشى الناس ) عتاب ولا لوم ولكنه تذكير بما حصل له من توقيه قالة المنافقين . وحمله كثير من المفسرين على معنى العتاب وليس في سياق الكلام ما يقتضيه فأحسبهم مخطئين فيه ولكنه تشجيع له وتحقير لأعداء الدين وتعليم له بأن يمضي في سبيله ويتناول ما أباح الله له ولرسله من تناول ما هو مباح من مرغوباتهم ومحباتهم إذا لم يصدهم شيء عن طاعة ربهم كما قال تعالى ( ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ) وأن عليه ان يعرض عن قول المنافقين وعلى نحو قوله ( لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين ) فهذا جوهر ما أشارت إليه الآية وليس فيها ما يشير إلى غير ذلك .
وقد رويت في هذه القصة أخبار مخلوطة فإياك أن تتسرب إلى نفسك منها أغلوطة فلا تصغ ذهنك إلى ما ألصقه أهل القصص بهذه الآية من تبسيط في حال النبي A حين أمر زيدا بإمساك زوجه فإن ذلك من مختلقات القصاصين فأما أن يكون ذلك اختلافا من لقصاصين لتزيين القصة وأما أن يكون كله أو بعضه من أراجيف المنافقين وبهتانهم فتلفقة القصاص وهو الذي نجزم به . ومما يدل لذلك انك لا تجد فيما يؤثر من أقوال السلف في تفسير هذه الآية أثرا مسندا إلى النبي A أو إلى زيد أو إلى زينب أو إلى أحد من الصحابة رجالهم ونسائهم ولكنها قصص وأخبار وقيل وقال .
ولسوء فهم الآية كبر أمرها على بعض المسلمين واستفزت كثيرا من الملاحدة وأعداء الإسلام من أهل الكتاب . وقد تصدى أبو بكر بن العربي في الأحكام لوهن أسانيدها وكذلك عياض في الشفاء