وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد بالجعل المنفي في قوله ( وما جعل أزواجكم اللاء تظهرون منهن أمهاتكم ) الجعل الخلقي أيضا كالذي في قوله ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) أي ما خلقهن أمهاتكم إذ لسن كذلك في الواقع وذلك كناية عن انتفاء الأثر الشرعي الذي هو من آثار الجعل الخلقي لأن الإسلام هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها قال تعالى ( إن أمهاتهم إلا اللاء ولدنهم ) . وقد بسط الله ذلك في سورة المجادلة وبه نعلم أن سورة المجادلة هي التي ورد فيها إبطال الظهار وأحكام كفارته فنعلم أن آية سورة الأحزاب وردت بعد تقرير إبطال الظهار فيكون ذكره فيها تمهيدا لإبطال التبني بشبه أن كليهما ترتيب آثار ترتيبا مصنوعا باليد غير مبني على جعل إلهي . وهذا يوقننا بأن سورة الأحزاب نزلت بعد سورة المجادلة خلافا لما درج عليه ابن الضريس وابن الحصار وما أسنده محمد بن الحارث بن أبيض عن جابر بن زيد مما هو مذكور في نوع المكي والمدني في نوع أول ما أنزل من كتاب الإتقان . وقال السيوطي : في هذا الترتيب نظر . وسنذكر ذلك في تفسير سورة المجادلة إن شاء الله .
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ( تظهرون ) بفتح التاء وتشديد الظاء مفتوحة دون ألف وتشديد الهاء مفتوحة . وقرأ حفص عن عاصم ( تظاهرون ) بضم التاء وفتح الظاء مخففة وألف وهاء مكسورة . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف " تظاهرون " بفتح التاء وفتح الظاء مخففة بعدها ألف وفتح الهاء .
( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) A E هذا هو المقصود الذي وطئ بالآيتين قبله ولذلك أسهب الكلام بعده بتفاصيل التشريع فيه . وعطفت هاته الجملة على اللتين قبلها لاشتراك ثلاثتها في أنها نفت مزاعم لا حقائق لها .
والقول في المراد من قوله ( ما جعل ) كالقول في نظيره من قوله ( وما جعل أزواجكم اللاء تظهرون منهن أمهاتكم ) .
والمعنى : أنكم تنسبون الأدعياء أبناء فتقولون للدعي : هو ابن فلان للذي تبناه وتجعلون له جميع ما للأبناء .
والأدعياء : جمع دعي بوزن فعيل بمعنى مفعول مشتقا من مادة الادعاء والادعاء : زعم الزاعم الشيء حقا له من مال أو نسب أو نحو ذلك بصدق أو كذب وغلب وصف الدعي على المدعي أنه ابن لمن يتحقق أنه ليس أبا له ؛ فمن ادعي أنه ابن لمن يحتمل أنه أب له فذلك هو اللحيق أو المستلحق فالدعي لم يجعله الله ابنا لمن ادعاه للعلم بأنه ليس أبا له وأما المستلحق فقد جعله الله ابنا لمن استلحقه بحكم استلحاقه مع إمكان أبوته له .
وجمع على أفعلاء لأنه معتل اللام فلا يجمع على فعلى والأصح أن أفعلاء يطرد في جمع فعيل المعتل اللام سواء كان بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول .
نزلت هذه الآية في إبطال التبني أي إبطال ترتيب آثار البنوة الحقيقة من الإرث وتحريم القرابة وتحريم الصهر وكانوا في الجاهلية يجعلون للمتبنى أحكام البنوة كلها وكان من أشهر المتبنين في عهد الجاهلية زيد بن حارثة تبناه النبي صلى الله عليه وسلم وعامر بن ربيعة تبناه الخطاب أبو عمر بن الخطاب وسالم تبناه أبو حذيفة والمقداد بن عمرو تبناه الأسود بن عبد يغوث فكان كل واحد من هؤلاء الأربعة يدعى ابنا للذي تبناه .
وزيد بن حارثة الذي نزلت الآية في شأنه كان غريبا من بني كلب من وبرة من أهل الشام وكان أبوه حارثة توفي وترك ابنيه جبلة وزيدا فبقيا في حجر جدهما ثم جاء عماهما فطلبا من الجد كفالتهما فأعطاهما جبلة وبقي زيد عنده فأغارت على الحي خيل من تهامة فأصابت زيدا فأخذ جده يبحث عن مصيره وقال أبياتا منها : .
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل وأنه علم أن زيدا بمكة وأن الذين سبوه باعوه بمكة فابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد فوهبه لعمته خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم فأقام عنده زمنا ثم جاء جده وعمه يرغبان في فدائه فأبى الفداء واختار البقاء على الرق عند النبي فحينئذ أشهد النبي قريشا أن زيدا ابنه يرث أحدهما الآخر فرضي أبوه وعمه وانصرفا فأصبح يدعى : زيد بن محمد وذلك قبل البعثة . وقتل زيد في غزوة مؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة