وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والجعل المنفي هنا هو الجعل الجبلي أي ما خلق الله رجلا بقلبين في جوفه وقد جعل إبطال هذا الزعم تمهيدا لإبطال ما تواضعوا عليه من جعل أحد ابنا لمن ليس هو بابنه ومن جعل امرأة أما لمن هي ليست أمه بطريقة قياس التمثيل أي أن هؤلاء الذين يختلقون ما ليس في الخلقة لا يتورعون عن اختلاق ما هو من ذلك القبيل من الأبوة والأمومة وتفريعهم كل اختلاقهم جميع آثار الاختلاق فإن البنوة والأمومة صفتان من أحوال الخلقة وليستا مما يتواضع الناس عليه بالتعاقد مثل الولاء والحلف .
فأما قوله تعالى ( وأزواجه أمهاتهم ) فهو على معنى التشبيه في أحكام البرور وحرمة التزويج ؛ ألا ترى ما جاء في الحديث " أن رسول الله لما خطب عائشة من أبي بكر قال له أبو بكر : يا رسول الله إنما أنا أخوك فقال رسول الله : أنت أخي وهي لي حلال أي أن الأخوة لا تتجاوز حالة المشابهة في النصيحة وحسن المعاشرة ولا تترتب عليها آثار الأخوة الجبلية لأن تلك آثار مرجعها إلى الخلقة فذلك معنى قوله " أنت أخي وهي لي حلال " .
A E والجوف : باطن الإنسان صدره وبطنه وهو مقر الأعضاء الرئيسية عدا الدماغ .
وفائدة ذكر هذا الظرف زيادة تصوير المدلول عليه بالقلب وتجليه للسامع فإذا سمع ذلك كان أسرع إلى الاقتناع بإنكار احتواء الجوف على قلبين وذلك مثل قوله ( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ونحوه من القيود المعلومة ؛ وإنما يكون التصريح بها تذكيرا بما هو معلوم وتجديدا لتصوره ومنه قوله تعالى ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه ) وقد تقدم في سورة الأنعام .
( وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ) عطف إبطال ثان لبعض مزاعمهم وهو ما كان في الجاهلية أن الرجل إذا أراد فراق زوجه فراقا لا رجعة فيه بحال يقول لها " أنت علي كظهر أمي " هذه صيغته المعروفة عندهم فهي موجبة طلاق المرأة وحرمة تزوجها من بعد لأنها صارت أما له وليس المقصود هنا تشريع إبطال آثار التحريم به لأن ذلك أبطل في سورة المجادلة وهي مما نزل قبل نزول سورة الأحزاب كما سيأتي ؛ ولكن المقصود أن يكون تمهيدا لتشريع إبطال التبني تنظيرا بين هذه الأوهام إلا أن هذا التمهيد الثاني أقرب إلى المقصود لأنه من الأحكام التشريعية .
واللاء : اسم موصول لجماعة النساء فهو اسم جمع " التي " لأنه على غير قياس صيغ الجمع وفيه لغات : اللاء مكسور الهمزة أبدا بوزن الباب واللائي بوزن الداعي والاء بوزن باب داخلة عليه لام التعريف بدون ياء .
وقرأ قالون عن نافع وقنبل عن ابن كثير وأبو جعفر ( اللاء ) بهمزة مكسورة غير مشبعة وهو لغة . وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف ( واللائي ) بياء بعد الهمزة بوزن الداعي وقرأه أبو عمرو والبزي عن ابن كثير ويعقوب و ( اللاي ) بياء ساكنة بعد الألف بدلا عن الهمزة وهو بدل سماعي قيل وهي لغة قريش . وقرأ ورش بتسهيل الهمزة بين الهمزة والياء مع المد والقصر . وروي ذلك عن أبي عمرو والبزي أيضا .
وذكر الظهر في قولهم : أنت علي كظهر أمي تخييل للتشبيه المضمر في النفس على طريقة الاستعارة المكنية إذ شبه زوجه حين يغشاها بالدابة حين يركبها راكبها وذكر تخييلا كما ذكر أظفار المنية في بيت أبي ذؤيب الهذلي المعروف وسيأتي بيانه في أول تفسير سورة المجادلة .
وقولهم : أنت علي فيه مضاف محذوف دل عليه ما في المخاطبة من معنى الزوجية والتقدير : غشيانك وكلمة " علي " تؤذن بمعنى التحريم أي أنت حرام علي فصارت الجملة بما لحقها من الحذف علامة على معنى التحريم الأبدي . ويعدى إلى اسم المرأة المراد تحريمها بحرف ( من ) الابتدائية لتضمينه معنى الانفصال منها .
فلما قال الله تعالى ( اللاء تظهرون منهن ) علم الناس أنه يعني قولهم : أنت علي كظهر أمي