وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا [ 3 ] ) زيادة تمهيد وتوطئة لتلقي تكليف يترقب منه أذى من المنافقين مثل قولهم : إن محمدا نهى عن تزوج نساء الأبناء وتزوج امرأة ابنه زيد بن حارثة وهو ما يشير إليه قوله تعالى ( ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) ؛ فأمره بتقوى ربه دون غيره وأتبعه بالأمر باتباع وحيه وعززه بالأمر بما فيه تأييده وهو أن يفوض أموره إلى الله .
والتوكل : إسناد المرء مهمه وشأنه إلى من يتولى عمله وتقدم عند قوله تعالى ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) في سورة آل عمران .
والوكيل : الذي يسند إليه غيره أمره وتقدم عند قوله تعالى ( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) في سورة آل عمران .
وقوله ( وكيلا ) تمييز نسبة أي كفى الله وكيلا أي وكالته وتقدم نظيره في قوله ( وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) في سورة النساء .
( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) A E استئناف ابتدائي ابتداء المقدمة للغرض بعد التمهيد له بما قبله والمقدمة أخص من التمهيد لأنها تشتمل على ما يوضح المقصد بخلاف التمهيد ؛ فهذا مقدمة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباعه مما يوحى إليه وهو تشريع الاعتبار بحقائق الأشياء ومعانيها وأن مواهي الأمور لا تتغير بما يلصق بها من الأقوال المنافية للحقائق وأن تلك الملصقات بالحقائق هي التي تحجب العقول عن التفهم في الحقائق الحق وهي التي ترين على القلوب بتلبيس الأشياء .
وذكر ها هنا نوعان من الحقائق : أحدهما من حقائق المعتقدات لأجل إقامة الشريعة على العقائد الصحيحة ونبذ الحقائق المصنوعة المخالفة للواقع لأن إصلاح التفكير هو مفتاح إصلاح العمل وهذا ما جعل تأصيله إبطال أن يكون الله جعل في خلق بعض الناس نظاما لم يجعله في خلق غيرهم .
وثاني النوعين من حقائق الأعمال لتقوم الشريعة على اعتبار مواهي الأعمال بما هي ثابتة عليه في نفس الأمر إلا بالتوهم والادعاء . وهذا يرجع إلى قاعدة أن حقائق الأشياء ثابتة وهو ما أشير إليه بقوله تعالى ( وما جعل أزواجكم اللاء تظهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق ) أي لا يقول الباطل مثل بعض أقوالكم من ذلك القبيل .
والمقصود التنبيه إلى بطلان أمور كان أهل الجاهلية قد زعموها وادعوها . وابتدئ من ذلك بما دليل بطلانه الحس والاختبار ليعلم من ذلك أن الذين اختلقوا مزاعم يشهد الحس بكذبها يهون عليهم اختلاق مزاعم فيها شبه وتلبيس للباطل في صورة الحق فيتلقى ذلك بالإذعان والامتثال .
والإشارة بقوله ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) إلى أكذوبة من تكاذيب الجاهلية كانوا يزعمون أن جميل بن معمر " ويقال : ابن أسد " بن حبيب الجمحي الفهري " وكان رجلا داهية قوي الحفظ " أن له قلبين يعملان ويتعاونان وكانوا يدعونه ذا القلبين يريدون العقلين لأنهم كانوا يحسبون أن الإدراك بالقلب وأن القلب محل لعقل . وقد غره ذلك أو تغاور به فكان لشدة كفره يقول " إن في جوفي قلبين أعمل بكل واحد منهما عملا أفضل من عمل محمد " . وسموا بذي القلبين أيضا عبد الله بن خطل التيمي وكان يسمى في الجاهلية عبد العزى وأسلم فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ثم كفر وقتل صبرا يوم فتح مكة وهو الذي تعلق بأستار الكعبة فلم يعف عنه فنفت الآية زعمهم نفيا عاما أي ما جعل الله لأي رجل من الناس قلبين لا لجميل بن معمر ولا لابن خطل فوقوع ( رجل ) وهو نكرة في سياق النفي يقتضي العموم ووقوع فعل ( جعل ) في سياق النفي يقتضي العموم لأن الفعل في سياق النفي مثل النكرة في سياق النفي . ودخول ( من ) على ( قلبين ) للتنصيص على عموم قلبين في جوف رجل فدلت هذه العمومات الثلاثة على انتفاء كل فرد من أفراد الجعل لكل فرد مما يطلق عليه أنه قلبان عن كل رجل من الناس فدخل في العموم جميل بن معمر وغيره بحيث لا يدعى ذلك لأحد أيا كان .
ولفظ ( رجل ) لا مفهوم له لأنه أريد به الإنسان بناء على ما تعارفوه في مخاطباتهم من نوط الأحكام والأوصاف الإنسانية بالرجال جريا على الغالب في الكلام ما عدا الأوصاف الخاصة بالنساء يعلم أيضا أنه لا يدعى لامرأة أن لها قلبين بحكم فحوى الخطاب أو لحن الخطاب