وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فبيانه أن قوله ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ) مسوق مساق إبطال تعجب المشركين من رسالة محمد A حين لم يسبقها رسالة رسول إلى آبائهم الأولين كما علمت مما تقدم آنفا فذكرهم بأن الله أرسل موسى كذلك بعد فترة عظيمة وأن الذين أرسل إليهم موسى أثاروا مثل هذه الشبهة فقالوا ( ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) فكما كانت رسالة موسى عليه السلام بعد فترة من الرسل كذلك كانت رسالة محمد A . فالمعنى : فكان المشركون حقيقيين بأن ينظروا رسالة محمد برسالة موسى ولكن الله أنشأ قرونا أي أمما بين زمن موسى وزمنهم فتطاول الزمن فنسي المشركون رسالة موسى فقالوا ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) . وحذف بقية الدليل وهو تقدير : فنسوا الإيجاز لظهوره من قوله ( فتطاول عليه العمر ) كما قال تعالى عن اليهود حين صاروا يحرفون الكلم عن مواضعه ( ونسوا حظا مما ذكروا به ) وقال عن النصارى ( أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به ) وقال لأمة محمد A ( ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ) فضمير الجمع في قوله ( عليهم ) عائد إلى المشركين لا إلى القرون .
فتبين أن الاستدراك متصل بقوله ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأولى ) وإن ما بين ذلك وبين هذا استطراد . وهذا أحسن في بيان اتصال الاستدراك مما احتفل به صاحب الكشاف . ولله دره في استشعاره وشكر الله مبلغ جهده . وهو بهذا مخالف لموقع الاستدراكيين الآتيين بعد من قوله ( ولكنا كنا مرسلين ) وقوله ( ولكن رحمة من ربك ) . والعمر الأمد كقوله ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله ) .
( وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين [ 45 ] ) هذا تكرير للدليل بمثل آخر مثل ما في قوله ( وما كنت بجانب الغربي ) أي ما كنت مع موسى في وقت التكليم ولا كنت من أهل مدين إذ جاءهم موسى وحدث بينه وبين شعيب ما قصصنا عليك .
والثواء : الإقامة .
وضمير ( عليهم ) عائد إلى المشركين من أهل مكة لا إلى أهل مدين لأن النبي A يتلو آيات الله على المشركين .
والمراد بالآيات الآيات المتضمنة قصة موسى في أهل مدين من قوله ( ولما توجه تلقاء مدين ) إلى قوله ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ) . وبمثل هذا المعنى قال مقاتل وهو الذي يستقيم به نظم الكلام ولو جعل الضمير عائدا إلى أهل مدين لكان أن يقال : تشهد فيهم آياتنا .
A E وجملة ( تتلو عليهم آياتنا ) على حسب تفسير مقاتل في موضع الحال من ضمير ( كنت ) وهي حال مقدرة لاختلاف زمنها مع زمن عاملها كما هو ظاهر . والمعنى : ما كنت مقيما في أهل مدين كما يقيم المسافرون فإذا قفلوا من أسفارهم أخذوا يحدثون قومهم بما شاهدوا في البلاد والأخرى .
والاستدراك في قوله ( ولكنا كنا مرسلين ) ظاهر أي ما كنت حاضرا في أهل مدين فتعلم خبر موسى عن معاينة ولكنا كنا مرسلينك بوحينا فعلمناك ما لم تكن تعلمه أنت ولا قومك من قبل هذا .
وعدل عن أن يقال : ولكنا أوحينا بذلك إلى قوله ( ولكنا كنا مرسلين ) لأن المقصد الأهم هو إثبات وقوع الرسالة من الله للرد على المشركين في قوله وقول أمثالهم ( ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) وتعلم رسالة محمد A بدلالة الالتزام مع ما يأتي من قوله ( ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ) الآية فالاحتجاج والتحدي في هذه الآية والآية التي قبلها تحد بما علمه النبي E من خبر القصة الماضية .
( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون [ 46 ] ) جانب الطور : هو الجانب الغربي وهو الجانب الأيمن المتقدم وصفه بذلك الوصفين فعري عن الوصف هنا لأنه صار معروفا وقيد الكون المنفي بظرف ( نادينا ) أي بزمن ندائنا