وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن يكون المعنى : وظنوا أنهم في منعة من أن يرجعوا في قبضة قدرتنا كما دل عليه قوله في سورة الشعراء ( قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون ) استعجابا من ذلك . وعلى هذا الاحتمال فالتعريض بالمشركين باق على حاله فأنهم ظنوا أنهم في منعة من الاستئصال فقالوا ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ) .
قرأ نافع والحمزة والكسائي ( لا يرجعون ) بفتح الياء المضارعة من ( رجع ) . وقرأه الباقون بضمها من ( أرجع ) إذا فعل به الرجوع .
( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين [ 40 ] ) أي ظنوا أنهم لا يرجعون إلينا فعجلنا بهلاكهم فإن ذلك من الرجوع إلى الله لأن رجوع إلى حكمه وعقابه ويعقبه رجوع أرواحهم إلى عقابه فلهذا فرع على ظنهم ذلك الإعلام بأنه أخذ وجنوده وجعل هذا التفريع كالاعتراض بين حكاية أحوالهم .
وجعل في الكشاف هذا من الكلام الفخم لدلالته على عظمة شأن الله إذ كان قوله ( فنبذناهم في اليم ) ويتضمن استعارة مكنية : شبه وجنوده بحصيات أخذهن في كفه فطرحهن في البحر . وإذا حمل الأخذ على حقيقته كان في استعارة مكنية أيضا لأنه يستتبع تشبيها بقبضة تؤخذ باليد كقوله تعالى ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) وقوله ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) . ويجوز أن يجعل جميع ذلك استعارة تمثيلية كما لا يخفى .
وقوله ( فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) اعتبار بسوء عاقبتهم لأجل ظلمهم أنفسهم بالكفر وظلمهم الرسول بالاستكبار عن سماع دعوتهم . وهذا موضع العبرة من سوق هذه القصة ليعتبر بها المشركون فيقيسوا حال دعوة محمد A بحال دعوة موسى عليه السلام ويقيسوا حالهم بحال فرعون وقومه فيوقنوا بأن ما أصاب فرعون وقومه فيوقنوا بأن ما أصاب فرعون وقومه من عقاب سيصيبهم لا محالة . وهذا من جملة محل العبرة بهذا الجزء من القصة ابتداء من قوله تعالى ( فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات ) ليعتبر الناس بأن شأن أهل الضلالة واحد فإنهم يتلقون دعاة الخير بالإعراض والاستكبار واختلاق المعاذير فكما قال فرعون وقومه ( ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) قالت قريش ( بل افتراه بل هو شاعر ) وقالوا ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) أي التي أدركناها .
وكما طمع فرعون أن يبلغ إلى الله استكبارا منه في الأرض سأل المشركون ( لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) وظنوا أنهم لا يرجعون إلى الله كما ظن أولئك فيوشك أن يصيبهم من الاستئصال ما أصاب أولئك .
( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون [ 41 ] ) عطف على جملة ( واستكبر هو وجنوده ) أي استكبروا فكانوا ينصرون الضلال ويبثونه أي جعلناه وجنوده أئمة للضلالة المفضية إلى النار فكأنهم يدعون إلى النار فكل يدعو بما تصل إليه يده ؛ فدعوة فرعون أمره ودعوة كهنته باختراع قواعد الضلالة وأوهامها ودعوة جنوده بتنفيذ ذلك والانتصار له .
A E والأئمة : جمع إمام وهو من يقتدى به في عمل من خير أو شر قال تعالى ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) . ومعنى جعلهم أئمة يدعون إلى النار : حلق نفوسهم منصرفة إلى الشر ومعرضة عن الإصغاء للرشد وكان وجودهم بين ناس ذلك شأنهم . فالجعل جعل تكويني بجعل أسباب ذلك والله بعث إليهم الرسل لإرشادهم فلم ينفع ذلك فلذلك أصروا على الكفر .
والدعاء إلى النار هو الدعاء إلى العمل الذي يوقع في النار فهي دعوة إلى النار بالمآل . وإذا كانوا يدعون إلى النار فهم من أهل النار بالأحرى فلذلك قال ( ويوم القيامة لا ينصرون ) أي لا يجدون من ينصرهم فيدفع عنهم عذاب النار . ومناسبة عطف ( ويوم القيامة لا ينصرون ) هي أن الدعاء يقتضي جندا وأتباعا يعتزون بهم في الدنيا ولكنهم لا يجدون عنهم يوم القيامة قال ( والذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) .
( وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين [ 42 ] )