وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي قوله ( ومن تكون له عاقبة الدار ) تفويض إلى ما سيظهر من نصر أحد الفريقين على الآخر وهو تعويض بالوعيد بسوء عاقبتهم .
و ( عاقبة الدار ) كلمة جرت مجرى المثل في خاتمة الخير بعد المشقة تشبيها لعامل العمل بالسائر المنتجع إذا صادف دار خصب واستقر بها وقال الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة من فضله . فأصل عاقبة الدار : الدار العاقبة . فأضيفت الصفة إلى موصوفها .
والعاقبة : هي الحالة العاقبة أي التي تعقب أي تجيء عقب غيرها فيؤذن هذا اللفظ بتبديل حال إلى ما هو خير فلذلك لا تطلق على العاقبة المحمودة . وقد تقدم في سورة الأنعام قوله ( فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ) وفي سورة الرعد قوله ( أولئك لهم عقبى الدار ) وقوله ( وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار ) .
وقرأ الجمهور ( تكون ) بالمثناة الفوقية على أصل تأنيث لفظ ( عاقبة الدار ) وقرأ حمزة والكسائي بالتحتية على الخيار في فعل الفاعل المجازي التأنيث .
وأيد ذلك كله بجملة ( إنه لا يفلح الظالمون ) دلالة على ثقته بأنه على الحق وذلك يفت من أعضادهم ويلقي رعب الشك في النجاة في قلوبهم . وضمير ( إنه ) ضمير الشأن لأن الجملة بعده ذات معنى له شأن وخطر .
( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين [ 38 ] ) كلام فرعون المحكي هنا واقع في مقام غير مقام المحاور مع موسى فهو كلام اقبل به على خطاب أهل مجلسه إثر المحاور مع موسى فلذلك حكي بحرف العطف عطف القصة على القصة . فهذه قصة محاورة بين فرعون وملئه في شأن دعوة موسى فهي حقيقة بحرف العطف كما لا يخفى .
أراد فرعون بخطابه مع ملئه أن يثبتهم على عقيدة إلهيته فقال ( ما علمت لكم من إله غيري ) إبطالا لقول موسى المحكي في سورة الشعراء ( قال ربكم ورب آبائكم الأولين ) وقوله هناك ( رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم تعقلون ) . فأظهر لهم فرعون أن دعوة موسى لم ترج عنده وأنه لم يصدق بها فقال ( ما علمت من إله غيري ) .
والمراد بنفي علمه بذلك نفي وجود إله غيره بطريق الكناية يريهم أنه أحاط علمه بكل شيء حق فلو كان ثمة إله غيره لعلمه .
والمقصود بنفي وجود إله غيره نفي وجود الإله الذي أثبته موسى وهو خالق الجميع . وأما آلهتهم التي يزعمونها فإنها مما تقتضيه إلهية فرعون لأن فرعون عندهم هو مظهر الآلهة المزعومة عندهم لأنه في اعتقادهم ابن الآلهة وخلاصة سرهم وكل الصيد في جوف الفرا .
A E وحيث قال موسى إن الإله الحق هو رب السماوات فقد حسب فرعون أن مملكة هذا الرب السماء تصورا مختلا ففرع على نفي إله غيره وعلى توهم أن الرب المزعوم مقره السماء أن أمر ( هامان ) وزيره أن يبني له صرحا يبلغ به عنان السماء ليرى الإله الذي زعمه موسى حتى إذا لم يجده رجع إلى قومه فأثبت لهم عدم إله في السماء إثبات معاينة أراد أن يظهر لقومه في مظهر المتطلب للحق المستقصي للعوالم حتى إذا أخبر قومه بعد ذلك بأن نتيجة بحثه أسفرت عن كذب موسى ازدادوا ثقة ببطلان قول موسى عليه السلام .
وفي هذا الضغث من الجدل السفسطائي مبلغ من الدلالة على سوء انتظام تفكيره وتفكير ملئه أو مبلغ تحيله وضعف آراء قومه .
و ( هامان ) لقب أو اسم لوزير فرعون كما تقدم آنفا . وأراد بقوله ( فأوقد لي يا هامان على الطين ) أن يأمر ( هامان ) العملة أن يطبوا الطين ليكون آجرا ويبنوا به فكني عن البناء بمقدماته وهي إيقاد الأفران لتجفيف الطين المتخذ آجرا . والآجر كانوا يبنون به بيوتهم فكانوا يجعلون قوالب من طين يتصلب إذا طبخ وكانوا يخلطونه بالتبن ليتماسك قبل إدخاله التنور كما ورد وصف صنع الطين في الإصحاح الخامس من سفر الخروج