وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعلى الوجوه كلها فالآيات تشمل خوارق العادات المشاهدة مثل الآيات التسع وتشمل المعجزات الخفية كصرف قوم فرعون عن الإقدام على أذاهما مع ما لديهم من القوة وما هم عليه من العداوة بحيث لولا الصرفة من الله لأهلكوا موسى وأخاه .
ومحل العبرة من هذا الجزء من القصة التنبيه إلى الرسالة فيض من الله على من اصطفاه من عباده وأن رسالة محمد A كرسالة موسى جاءته بغتة فنودي محمد في غار جبل حراء كما نودي موسى في جانب جبل الطور وأنه اعتراه من الخوف مثل ما اعترى موسى وأن الله ثبته كما ثبت موسى وأن الله يكفيه أعداءه كما كفى موسى أعداءه .
( فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين [ 36 ] ) طوي ما بين نداء الله إياه وبين حضوره عند فرعون من الأحداث عند فرعون من الأحداث لعدم تعلق العبرة به . وأسند المجيء بالآيات إلى موسى عليه السلام وحده دون هارون لأنه الرسول الأصلي الذي تأتي المعجزات على يديه بخلاف قوله ( فاذهبا بآياتنا ) في سورة الشعراء وقوله ( بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) إذ جعل تعلق الآيات بضميريها لأن معنى الملابسة معنى متسع فالمصاحب لصاحب الآيات هو ملابس له .
والآيات البينات هي خوارق العادات التي أظهرها أي جاءهم بها آية بعد أية في مواقع مختلفة قالوا عند كل آية ( ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) .
والمفترى : المكذوب . ومعنى كونها سحرا مكذوبا أنه مكذوب ادعاء أنه من عند الله وإخفاء كونه سحرا .
والإشارة في قوله ( وما سمعنا بهذا ) إلى ادعاء الرسالة من عند الله لأن ذلك هو الذي يسمع وأما الآيات فلا تسمع . فمرجع اسمي الإشارة مختلف أي ما سمعنا من يدعو آباءنا إلى مثل ما تدعو إليه فالكلام على حذف مضاف دل عليه حرف الظرفية أي في زمن آبائنا . وقد جعلوا انتفاء بلوغ مثل هذه الدعوة إلى آبائهم حتى تصل إليهم بواسطة آبائهم الأولين دليلا على بطلانها وذلك آخر ملجأ إليه المحجوج المغلوب حين لا يجد ما يدفع به الحق بدليل مقبول فيفزع إلى مثل هذه التلفيقات والمباهتات .
( وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون [ 37 ] ) لما قالوا قولا في تكذيبه واستظهروا على قولهم بأن ما جاء به موسى شيء ما علمه آباؤهم أجاب موسى كلامهم بمثله في تأييد صدقه فإنه يعلمه الله فما علم آبائهم في جانب علم الله بشيء فلما تمسكوا بعلم آبائهم تمسك موسى بعلم الله تعالى فقد احتج موسى بنفسه ولم يكل ذلك إلى هارون .
A E وكان مقتضى الاستعمال أن يحكى كلام موسى بفعل القول غير معطوف بالواو شأن حكاية المحاورات كما قدمناه غير مرة فخولف ذلك هنا بمجيء حرف العطف في قراءة الجمهور غير ابن كثير لأنه قصد هنا التوازن بين حجة ملأ فرعون وحجة موسى ليظهر للسامع التفاوت بينهما في مصادفة الحق ويتبصر فساد أحدهما وصحة الآخر وبضدها تتبين الأشياء فلهذا عطفت الجملة جريا على الأصل غير الغالب للتنبيه على النظر في معناهما . وقرأ ابن كثير ( قال موسى ) بدون واو وهي مرسومة في مصحف أهل مكة بدون واو على أصل حكاية المحاورات وقد حصل من مجموع القراءتين الوفاء بحق الخصوصيتين من مقتضى حالي الحكاية . وعبر عن الله بوصف الربوبية مضافا إلى ضميره للتنصيص على أن الذي يعلم الحق هو الإله الحق لا آلهتهم المزعومة .
ويظهر أن القبط لم يكن في لغتهم اسم على الرب واجب الوجود الحق ولكن أسماء آلهة مزعومة .
وعبر في جانب ( من جاء بالهدى ) بفعل المضي وفي جانب ( من تكون له عاقبة الدار ) بالمضارع لأن المجيء بالهدى المحقق والمزعوم أمر قد تحقق ومضى سواء كان الجائي به موسى أم آباؤهم الأولون وعلماؤهم . وأما كيان عاقبة الدار لمن فمرجو لما يظهر بعد . ففي قوله ( ربي أعلم بمن جاء بالهدى ) إشهاد لله تعالى وكلام منصف أي ربي أعلم نتعيين الجائي بالهدى أنحن أم أنتم على نحو قوله تعالى ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين )