وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين [ 30 ] وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين [ 31 ] اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب ) تقدم مثل هذا في سورة النمل إلا مخالفة ألفاظ مثل ( أتاها ) هنا و ( جاءها ) هناك . و ( إني أنا الله ) هنا و ( إنه أنا الله ) هناك بضمير عائد إلى الجلالة هنالك وضمير الشأن هنا وهما متساويان في الموقع لأن ضمير الجلالة شأنه عظيم . وقوله هنا ( رب العالمين ) وقوله هنالك ( العزيز الحكيم ) . وهذا يقتضي أن الأوصاف الثلاثة قيلت له حينئذ .
والقول في نكتة تقديم صفة الله تعالى قبل إصدار أمره له بإلقاء العصا كالقول الذي تقدم في سورة النمل لأن وصف ( رب العالمين ) يدل على أن جميع الخلائق مسخرة له ليثبت بذلك قلب موسى من هول تلقي الرسالة .
( وأن ألق ) هنا و ( ألق ) هناك و ( اسلك ) هنا و ( أدخل ) هناك . وتلك المحالفة تفنن في تكرير القصة لتجدد نشاط السامع لها وإلا زيادة ( من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ) وهذا واد في سفح الطور . وشاطئه : جانبه وضفته .
ووصف الشاطئ بالأيمن إن حمل الأيمن على أنه ضد الأيسر فهو أيمن باعتبار أنه واقع على يمين المستقبل القبلة على طريقة العرب من جعل القبلة هي الجهة الأصلية لضبط الواقع وهم ينعتون الجهات باليمين واليسار ويريدون هذا المعنى قال أمرؤ القيس : .
على قطن بالشيم أيمن صوبه ... وأيسره على الستار فيذبل وعلى ذلك جرى اصطلاح المسلمين في تحديد المواقع الجغرافية ومواقع الأرضين فيكون الأيمن يعني الغربي للجبل أي جهة مغرب الشمس من الطور . ألا ترى أنهم سموا اليمن يمنا لأنه على يمين المستقبل باب الكعبة وسموا الشام شاما لأنه على شام المستقبل لبابها أي على شماله فاعتبروا استقبال الكعبة وهذا هو الملائم لقوله الآتي ( وما كنت بجانب الغربي ) .
وأما جعله بمعنى الأيمن لموسى فلا يستقيم مع قوله تعالى ( وواعدناكم جانب الطور الأيمن ) فإنه لم يجر ذكر لموسى هناك .
وإن حمل على أنه تفضيل من اليمن وهو البركة فهو كوصفه ب ( المقدس ) في سورة النازعات ( إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى ) .
والبقعة بضم الباء ويجوز فتحها هي القطعة من الأرض المتميزة عن غيرها . والمباركة لما فيها من اختيارها لنزول الوحي على موسى . وقوله ( من الشجرة ) يجوز أن يتعلق بفعل ( نودي ) فتكون الشجرة مصدر هذا النداء وتكون ( من ) للابتداء أي سمع كلاما خارجا من الشجرة . ويجوز أن يكون ظرفا مستقرا نعتا ثانيا للواد أو حالا فتكون ( من ) اتصالية أي متصلا بالشجرة أي عندها أي البقعة التي تتصل بالشجرة .
A E والتعريف في ( الشجرة ) تعريف الجنس وعدل عن التنكير للإشارة إلى أنها شجرة مقصودة وليس التعريف للعهد إذا لم يتقدم ذكر الشجرة والذي في التوراة أن تلك الشجرة كانت من شجر العليق " وهو من شجر العضاه " وقيل هي عوسجة والعوسج من شجر العضاه أيضا . وزيادة ( أقبل ) وهي تصريح بمضمون قوله ( لا تخف ) في سورة النمل لأنه لما أدبر خوفا من الحية كان النهي عن الخوف يدل على معنى طلب إقباله فكان الكلام هنالك إيجازا وكان هنا مساواة تفننا في حكاية القصتين وكذلك زيادة ( إنك من الآمنين ) هنا ولم يحك في سورة النمل وهو تأكيد لمفاد ( ولا تخف ) . وفيه زيادة تحقيق أمنه بما دل عليه التأكيد ب ( إن ) وجعله من جملة الآمنين فإنه أشد في تحقيق الأمن من أن يقال : إنك آمن كما تقدم في قوله تعالى ( أن أكون من الجاهلين ) في سورة البقرة