وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واسم المرأتين ( ليا ) و ( صفورة ) . وفي سفر الخروج : أن أباهما كاهن مدين . وسماه في ذلك السفر أول مرة رعويل ثم أعاد الكلام عليه فسماه يثرون ووصفه بحمي موسى فالمسمى واحد . وقال ابن العبري في تاريخه : يثرون بن رعويل له سبع بنات خرج للسقي منهما اثنتان فيكون شعيب هو المسمى عند اليهود يثرون . والتعبير عن النبي بالكاهن اصطلاح . لأن الكاهن يخبر عن الغيب ولأنه يطلق على القائم بأمور الدين عند اليهود . وللجزم بأنه شعيب الرسول جعل علماؤنا ما صدر منه هذه القصة شرعا سابقا ففرعوا عليه مسائل مبنية على أصل : أن شرع من قبلنا من الرسل الإلهيين شرع لنا ما لم يرد ناسخ . ومنها مباشرة المرأة الأعمال والسعي في طرق المعيشة ووجوب استحيائها وولاية الأب في النكاح وجعل العمل البدني مهرا وجمع النكاح والإجارة في عقد واحد ومشروعية الإجارة . وقد استوفى الكلام عليها القرطبي . وفي أدلة الشريعة الإسلامية غنية عن الاستنباط مما في هذه الآية إلا أن بعض هذه الأحكام لا يوجد دليله في القرآن ففي هذه الآية دليل لها من الكتاب عند القائلين بأن شرع من قبلنا شرع لنا .
وفي إذنه لابنتيه بالسقي دليل على جواز معالجة المرأة أمور مالها وظهورها في مجامع الناس إذ كانت تستر ما يجب ستره فإن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حكاه شرعنا ولم يأت من شرعنا ما ينسخه . وأما تحاشي الناس من نحو ذلك فهو من المروءة والعادات متباينة فيه وأحوال الأمم فيه مختلفة وخاصة ما بين أخلاق البدو والحضر من الاختلاف .
ودخول ( لما ) التوقيتية يؤذن باقتران وصوله بوجود الساقين . واقتران فعل ( سقى ) بالفاء يؤذن بأنه بادر فسقى لهن وذلك بفور وروده .
ومعنى ( فسقى لهما ) أنه سقى ما جئن ليسقينه لأجلهما فاللام للأجل أي لا يدفعه لذلك إلا هما أي رأفة بهما وغوثا لهما . وذلك من قوة مروءته أن اقتحم ذلك العمل الشاق على ما هو عليه من الإعياء عند الوصول .
والتولي : الرجوع على طريقه وذلك يفيد أنه كان جالسا من قبل في ظل فرجع إليه . ويظهر أن ( تولى ) مرادف ( ولى ) ولكن زيادة المبنى من شأنها أن تقتضي زيادة المعنى فيكون ( تولى ) أشد من ( ولى ) وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( ولى مدبرا ) في سورة النمل .
وقد أعقب إيواءه إلى الظل بمناجاته ربه إذ قال ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) . لما استراح من مشقة المتح والسقي لماشية المرأتين والاقتحام بها في عدد الرعاء العديد ووجد برد الظل تذكر بهذه النعمة نعما سابقة أسداها الله إليه من نجاته من القتل وإيتائه الحكمة والعلم وتخليصه من تبعة قتل القبطي وإيصاله إلى أرض معمورة بأمة عظيمة بعد أن قطع فيافي ومفازات تذكر جميع ذلك وهو في نعمة برد الظل والراحة من التعب فجاء بجملة جامعة للشكر والثناء والدعاء وهي ( إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) . والفقير : المحتاج فقوله ( إني لما أنزلت إلي من خير ) شكر على نعم سلفت .
وقوله ( إني لما أنزلت إلي من خير ) ثناء على الله بأنه معطى الخير .
A E والخير : ما فيه نفع وملاءمة لمن يتعلق هو به فمنه خير الدنيا ومنه خير الآخرة الذي قد يرى في صورة مشقة فإن العبرة بالعواقب قال تعالى ( ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) .
وقد أراد النوعين كما يرمز إلى ذلك التعبير عن إيتائه الخير بفعل ( أنزلت ) المشعر برفعة المعطى .
فأول ذلك إيتاء الحكمة والعلم .
ومن الخير إنجاؤه من القتل وتربيته الكاملة في بذخة الملك وعزته وحفظه من أن تتسرب إليه عقائد العائلة التي ربي فيها فكان منتفعا بمنافعها مجنبا رذائلها وأضرارها . ومن الخير أن جعل نصر قومه على يده وأن أنجاه من القتل الثاني ظلما وأن هداه إلى منجي من الأرض ويسر له التعريف ببيت نبوءة وأن آواه إلى ظل .
و ( ما ) من قوله ( لما أنزلت إلي ) موصولة كما يقتضيه فعل المضي في قوله ( أنزلت ) لأن الشيء الذي أنزل فيما مضى صار معروفا غير نكرة فقوله ( ما أنزلت إلي ) بمنزلة المعرف بلام الجنس لتلائم قوله ( فقير ) أي فقير لذلك النوع من الخير أي لأمثاله .
وأحسن خير للغريب وجود مأوى له يطعم فيه ويبيت وزوجة يأنس إليها ويسكن