وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويناسب الغريب إذا جاء ديار قوم أن يقصد الماء لأنه مجتمع الناس فهنالك يتعرف لمن يصاحبه ويضيفه .
و ( لما ) حرف توقيت وجود شيء بوجود غيره أي عندما حل بأرض مدين وجد أمة .
والأمة : الجماعة الكثيرة العدد وتقدم في قوله تعالى ( كان الناس أمة واحدة ) في لبقرة . وحذف مفعول ( يسقون ) لتعميم ما شأنه أن يسقى وهو الماشية والناس ولأن الغرض لا يتعلق بمعرفة المسقي ولكن بما بعده من انزواء المرأتين عن السقي كما في الكشاف تبعا لدلائل الإعجاز فيكون من تنزيل الفعل المتعدي منزلة اللازم أو الحذف هنا للاختصار كما اختاره السكاكي وأيده شارحاه السعد والسيد . وأما حذف مفاعيل " تذودان - ولا نسقي - فسقى لهما " فيتعين فيها ما ذهب إليه الشيخان . وأمل ما ذهب إليه صاحب المفتاح وشارحاه فشيء لا دليل عليه في القرآن حتى يقدر محذوف وإنما استفادة كونهما تذودان غنما مرجعها إلى كتب الإسرائيليين .
ومعنى ( من دونهم ) في مكان غير المكان الذي حول الماء أي في جانب مباعد وللأمة من الناس لأن حقيقة كلمة ( دون ) أنها وصف للشيء الأسفل من غيره . وتتفرع من ذلك معان مجازية مختلفة العلاقات ومنها ما وقع في هذه الآية . ف ( دون ) بمعنى جهة يصل إليها المرء بعد المكان الذي فيه الساقون . شبه المكان الذي يبلغ إليه الماشي بعد مكان آخر بالمكان الأسفل من الآخر كأنه ينزل إليه الماشي لأن المشي يشبه بالصعود وبالهبوط باختلاف الاعتبار .
ويحذف الموصوف ب ( دون ) لكثرة الاستعمال فيصير ( دون ) بمنزلة ذلك الاسم المحذوف .
وحرف ( من ) مع ( دون ) يجوز أن يكون للظرفية مثل ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) . ويجوز أن يكون بمعنى ( عند ) وهو معنى أثبته أبو عبيدة في قوله تعالى ( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ) . والمعنى : ووجد امرأتين في جهة مبتعدة عن جهة الساقين .
و ( تذودان ) تطردان . وحقيقة الذود فلا يقال : ذدت الناس إلا مجازا مرسلا ومنه قوله في الحديث " فليذادن أقوام عن حوضي " الحديث .
والمعنى في الآية : تمنعان إبلا عن الماء . وفي التوراة : أن شعيبا كان صاحب غنم وأن موسى رعى غنمه . فيكون إطلاق ( تذودان ) هنا مجازا مرسلا أو تكون حقيقة الذود طرد الأنعام كلها عن حوض الماء . وكلام أئمة اللغة غير صريح في تبيين حقيقة هذا . وفي سفر الخروج : أنها كانت لهما غنم والذود لا يكون إلا للماشية . والمقصود من حضور الماء بالأنعام سقيها . فلما رأى موسى المرأتين تمنعان أنعامهما من الشرب سألهما : ما خطبكما ؟ وهو سؤال عن قصتهما وشأنهما إذ حضرا الماء ولم يقتحما عليه لسقي غنمهما .
وجملة ( قال ما خطبكما ) بدل اشتمال من جملة ( ووجد من دونهم امرأتين تذودان ) .
A E والخطب : الشأن والحدث المهم وتقدم عند قوله تعالى ( قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ) فأجابتا بأنهما كرهتا أن تسقيا في حين اكتظاظ المكان بالرعاء وأنهما تستمران على عدم السقي كما اقتضاه التعبير بالمضارع إلى أن ينصرف الرعاء .
والرعاء : جمع راع .
والإصدار : الإرجاع عن السقي أي حتى يسقي الرعاء ويصدروا مواشيهم فالإصدار جعل الغير صادرا أي حتى يذهب رعاء الإبل بأنعامهم فلا يبقى الزحام . وصدهما عن المزاحمة عادتهما كانتا ذواتي مروءة وتربية زكية .
وقرأ الجمهور ( يصدر ) بضم الياء وكسر الدال . وقرأه ابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر ( يصدر ) بفتح حرف المضارعة وضم الدال على إسناد الصدر إلى الرعاء أي حتى يرجعوا عن الماء أي بمواشيهم لأن وصف الرعاء يقتضي أن لهم مواشي وهذا يقتضي أن تلك عادتهما كل يوم سقي وليس في اللفظ دلالة على أنه عادة .
وكان قولهما ( وأبونا شيخ كبير ) اعتذارا عن حضورهما للسقي مع الرجال لعدم وجدانهما رجلا يستقي لهما لأن الرجل الوحيد لهما هو أبوهما وهو شيخ كبير لا يستطيع ورود الماء لضعفه عن المزاحمة