وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والترقب : حقيقته الانتظار وهو مشتق من رقب إذا نظر أحوال شيء . ومنه سمي المكان المرتفع : مرقبة ومرتقبا وهو هنا مستعار للحذر .
وجملة ( فال رب نجني ) بدل اشتمال من جملة ( يترقب ) لأن ترقبه يشتمل على الدعاء إلى الله بأن ينجيه .
والقوم الظالمون هم قوم فرعون . ووصفهم بالظلم لأنهم مشركون ولأنهم راموا قتله قصاصا عن قتل خطأ وذلك ظلم لأن الخطأ في القتل لا يقتضي الجزاء بالقتل في نظر العقل والشرع .
ومحل العبرة من قصة موسى مع القبطي وخروجه من المدينة من قوله ( ولما بلغ أشده ) إلى هنا هو أن الله يصطفي من يشاء من عباده وأنه أعلم حيث يجعل رسالاته وأنه إذا تعلقت إرادته بشيء هيأ له أسبابه بقدرته فأبرزه على أتقن تدبير وأن الناظر البصير في آثار ذلك التدبير يقتبس منها دلالة على صدق الرسول في دعوته كما أشار إليه قوله تعالى ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ) . وإن أوضح تلك المظاهر استقامة السيرة ومحبة الحق وأن دليل عناية الله بمن اصطفاه لذلك هو نصره على أعدائه ونجاته مما له من المكائد . وفي ذلك كله مثل للمشركين لو نظروا في حال محمد A في ذاته وفي حالهم معه . ثم ( إن ) في قوله تعالى ( إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) الآية إيماء إلى أن رسوله A سيخرج من مكة وأن الله منجيه من ظالميه .
( ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل [ 22 ] ) هذه هجرة نبوية تشبه هجرة إبراهيم عليه السلام إذ قال ( إني مهاجر إلى ربي ) . وقد ألهم الله موسى عليه السلام أن يقصد بلاد مدين إذ يجد فيها نبيا يبصره بآداب النبوة ولم يكن موسى يعلم إلى أين يتوجه ولا من سيجد في وجهته كما دل عليه قوله ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) .
فقوله تعالى ( ولما توجه تلقاء مدين ) عطف على جمل محذوفة إذ التقدير : ولما خرج من المدينة هائما على وجهه فاتفق أن كان مسيره في طريق يؤدي إلى أرض مدين حينئذ قال ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) . قال ابن عباس : خرج موسى ولا علم له بالطريق إلا حسن ظن ربه .
وتوجه : ولى وجهه أي استقبل بسيره تلقاء مدين .
وتلقاء : أصله مصدر على وزن التفعال بكسر التاء وليس له نظير في كسر التاء إلا تمثال وهو بمعنى اللقاء والمقاربة . وشاع إطلاق هذا المصدر على جهته فصار من ظروف المكان التي تنصب على الظرفية . والتقدير : لما توجه جهة تلاقي مدين أي جهة تلاقي بلاد مدين وقد تقدم قوله تعالى ( وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار ) في سورة الأعراف .
ومدين : قوم من ذرية مدين بن إبراهيم . وقد مضى الكلام عليهم عند قوله تعالى ( وإلى مدين أخاهم شعيبا ) في سورة الأعراف .
A E وأرض مدين واقعة على الشاطئ الغربي من البحر الأحمر وكان موسى قد سلك إليها عند خروجه من بلد ( رعمسيس ) أو ( منفيس ) طريقا غربية جنوبية فسلك برية تمر به على أرض العمالقة وأرض الأدوميين ثم بلاد النبط إلى أرض مدين . تلك مسافة ثمانمائة وخمسين ميلا تقريبا . وإذ قد كان موسى في سيره ذلك راجلا فتلك المسافة تستدعي من المدة نحوا من خمسة وأربعين يوما . وكان يبيت في البرية لا محالة . وكان رجلا جلدا وقد ألهمه الله سواء السبيل فلم يضل في سيره .
والسواء : المستقيم النهج الذي لا التواء فيه . وقد ألهمه الله هذه الدعوة التي في طيها توفيقه إلى الدين الحق .
( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير [ 23 ] فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير [ 24 ] ) يدل قوله ( ولما ورد ماء مدين ) أنه بلغ أرض مدين وذلك حين ورد ماءهم . والورود هنا معناه الوصول والبلوغ كقوله تعالى ( وإن منكم إلا واردها ) . والمراد بالماء موضع الماء . وماء القوم هو الذي تعرف به ديارهم لأن القبائل كانت تقطن عند المياه وكانوا يكنون عن أرض القبيلة بماء بني فلان فالمعنى : ولما ورد أي عندما بلغ بلاد مدين