وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والاستصراخ : المبالغة في الصراخ أي النداء وهو المعبر عنه في القصة الماضية بالاستغاثة فخولف بين العبارتين للتفنن . وقول موسى له ( إنك لغوي مبين ) تذمر من الإسرائيلي إذ كان استصراخه السالف سببا في قتل نفس وهذا لا يقتضي عدم إجابة استصراخه وإنما هو بمنزلة التشاؤم واللوم عليه في كثرة خصوماته .
والغوي : الشديد الغواية وهي الضلال وسوء النظر أي أنك تشاد من لا تطيقه ثم تروم الغوث مني يوما بعد يوم وليس المراد أنه ظالم أو مفسد لأنه لو كان كذلك لما أراد أن يبطش بعدوه .
والبطش : الأخذ بالعنف والمراد به الضرب . وظاهر قوله ( عدو لهما ) أنه قبطي . وربما جعل عدوا لهما لأن عداوته للإسرائيلي معروفة فاشية بين القبط وأما عداوته لموسى فلأنه أراد أن يظلم رجلا والظلم عدو لنفس موسى لأنه نشأ على زكاء نفس هيأها الله للرسالة . والاستفهام مستعمل في الإنكار .
والجبار : الذي يفعل ما يريد مما يضر بالناس ويؤاخذ الناس بالشدة دون الرفق . وتقدم في سورة الرعد قوله ( وخاب كل جبار عنيد ) وفي سورة مريم قوله ( ولم يجعلني جبارا شقيا ) .
والمعنى : إنك تحاول أن تكون متصرفا بالانتقام وبالشدة ولا تحاول أن تكون من المصلحين بين الخصمين بأن تسعى في التراضي بينهما . ويظهر أن كلام القبطي زجر لموسى عن البطش به وصار بينهما حوارا أعقبه مجيء رجل من أقصى المدينة .
( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين [ 20 ] فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين [ 21 ] ) ظاهر النظم أن الرجل جاء على حين محاورة القبطي مع موسى فلذلك انطوى أمر محاورتهما إذ حدث في خلاله ما هو أهم منه وأجدى في القصة .
والظاهر أن أقصى المدينة هو ناحية قصور فرعون وقومه فإن عادة الملوك السكني في أطراف المدن توقيا من الثورات والغارات لتكون مساكنهم أسعد بخروجهم عند الخوف . وقد قيل : الأطراف منازل الأشراف . وأما قول أبي تمام : .
كانت هي الوسط المحمي فاتصلت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفا فلذلك معنى آخر راجع إلى انتقاص العمران كقوله تعالى ( يقولون إن بيوتنا عورة ) .
وبهذا يظهر وجه ذكر المكان الذي جاء منه الرجل وأن الرجل كان يعرف موسى .
والملأ : الجماعة أولو الشأن وتقدم عند قوله تعالى ( قال الملأ من قومه ) أي نزح في الأعراف وأراد بهم أهل دولة فرعون : فالمعنى : أن أولى الأمر يأتمرون بك أي يتشاورون في قتلك . وهذا يقتضي أن القضية رفعت إلى فرعون وفي سفر الخروج في الإصحاح الثاني : ( فسمع فرعون هذا الأمر فطلب أن يقتل موسى ) . ولما علم هذا الرجل بذلك أسرع بالخبر لموسى لأنه كان معجبا بموسى واستقامته . وقد قيل كان هذا الرجل من بني إسرائيل . وقيل : كان من القبط ولكنه كان مؤمنا يكتم إيمانه لعل الله ألهمه معرفة فساد الشرك بسلامة فطرته وهيأه لإنقاذ موسى من يد فرعون .
A E والسعي : السير السريع وقد تقدم عند قوله ( فإذا هي حية تسعى ) في سورة طه . وتقدم بيان حقيقته ومجازه في قوله ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ) في سورة الإسراء . وجملة ( يسعى ) في موضع الحال من ( رجل ) الموصوف بأنه من أقصى المدينة . و ( يأتمرون بك ) يتشاورون . وضمن معنى ( يهمون ) فعدي بالباء فكأنه قيل : يأتمرون ويهمون بقتلك .
وأصل الائتمار : قبول أمر الآمر فهو مطاوع أمره قال امرؤ القيس : .
" ويعدو على المرء ما يأتمر أي يضره ما يطيع فيه أمر نفسه . ثم شاع إطلاق الائتمار على التشاور لأن المتشاورين يأخذ بعضهم أمر بعض فيأتمر به الجميع قال تعالى ( وائتمروا بينكم بمعروف ) .
وجملة ( قال يا موسى ) بدل اشتمال من جملة ( جاء رجل ) لأن مجيئه يشتمل على قوله ذلك .
ومتعلق الخروج محذوف لدلالة المقام أي فاخرج من المدينة .
وجملة ( إني لك من الناصحين ) تعليل لأمره بالخروج . واللام في قوله ( لك من الناصحين ) صلة لأن أكثر ما يستعمل فعل النصح معدى باللام . يقال : نصحت لك قال تعالى ( إذا نصحوا الله ورسوله ) في سورة التوبة ووهما قالوا : نصحت . وتقديم المجرور للرعاية على الفاصلة