وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قيل : كان القبطي من عملة مخبز فرعون فأراد أن يحمل حطبا إلى الفرن فدعا إسرائيليا ليحمله فأبى فأراد أن يجبره على حمله وأن يضعه على ظهره فاختصما وتضاربا ضربا شديدا وهو المعبر عنه بالتقاتل على طريق الاستعارة .
والاستغاثة : طلب الغوث وهو التخليص من شدة أو العون على دفع مشقة . وإنما يكون الطلب بالنداء فذكر الاستغاثة يؤذن بأن الاسرائيلي كان مغلوبا وأن القطبي اشتد عليه وكان ظالما إذ لا يجبر أحد على عمل يعمله .
والوكز : الضرب باليد بجمع أصابعها كصورة عقد ثلاثة وسبعين ويسمى الجمع بضم الجيم وسكون الميم .
و ( فقضى عليه ) جملة تقال بمعنى مات لا تغير . ففاعل ( قضى ) محذوف أبدا على معنى قضى عليه قاض وهو الموت . ويجوز أن يكون عائدا إلى الله تعالى المفهوم من المقام إذ لا يقضي بالموت غيره كقوله ( فلما قضينا عليه الموت ) . وقيل ضمير ( فقضى ) عائد إلى موسى وليس هذا بالبين . فالمعنى : فوكزه موسى فمات القبطي . وكان هذا قتل خطأ صادف الوكز مقاتل القبطي ولم يرد موسى قتله . ووقع في سفر الخروج من التوراة في الإصحاح الثاني أن موسى لما رأى المصري يضرب العبراني التفت هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل .
وجملة ( قال هذا من عمل الشيطان ) مستأنفة استئنافا بيانيا كأن سائلا سأل : ماذا كان من أمر موسى حين فوجئ بموت القبطي . وحكاية ذلك للتنبيه على أن موسى لم يخطر بباله حينئذ إلا النظر في العاقبة الدينية . وقوله هو كلامه في نفسه .
والإشارة بهذا إلى الضربة الشديدة التي عليها الموت أو إلى الموت المشاهد من ضربته أو إلى الغضب الذي تسبب عليه موت القبطي . والمعنى : أن الشيطان أو قد غضبه حتى بالغ في شدة الوكز . وإنما قال موسى ذلك لأن قتل النفس مستقبح في الشرائع البشرية فإن حفظ النفس المعصومة من أصول الأديان كلها . وكان موسى يعلم دين آبائه لعله بما تلقاه من أمه المرأة الصالحة في مدة رضاعه وفي مدة زيارته إياها .
وجملة ( إنه عدو مضل مبين ) تعليل لكون شدة غضبه من عمل الشيطان إذ لولا الخاطر الشيطاني لاقتصر على القبطي أو كفه عن الذي من شيعته فلما كان الشيطان عدوا للإنسان وكانت له مسالك إلى النفوس استدل موسى بفعله المؤدي إلى قتل نفس أنه فعل ناشئ عن وسوسة الشيطان ولولاها لكان عمله جاريا على الأحوال المأذونة .
وفي هذا دليل على أن الأصل في النفس الإنسانية هو الخير وأنه الفطرة وأن الانحراف عنها يحتاج إلى سبب غير فطري وهو تخلل نزع الشيطان في النفس .
ومتعلق ( عدو ) محذوف لدلالة المقام أي عدو لآدم وذرية آدم .
ورتب على الأخبار عنه بالعداوة وصفه بالإضلال لأن العدو يعمل لإلحاق الضر بعدوه . و ( مبين ) وصف ل ( مضل ) لا خبر ثان ولا ثالث .
( قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم [ 16 ] ) A E بدل اشتمال من جملة ( قال هذا من عمل الشيطان ) لأن الجزم بكون ما صدر منه من عمل الشيطان وتغريره يشتمل على أن ذلك ظلم لنفسه وأن يتوجه إلى الله بالاعتراف بخطئه ويفرع عليه طلب غفرانه . وسمى فعله ظلما لنفسه لأنه كان من أثر فرط الغضب لأجل رجل من شيعته وكان يستطيع أن يملك من غضبه فكان تعجيله بوكز القبطي وكزة قاتلة ظلما جره لنفسه . وسماه في سورة الشعراء ضلالا ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) .
وأراد بظلمه نفسه أنه تسبب لنفسه في مضرة إضمار القبط قتله وإنه تجاوز الحد في عقاب القبطي على مضاربته الإسرائيلي . ولعله لم يستقص الظالم منهما وذلك انتصار جاهلي كما قال وداك ابن ثميل المازني يمدح قومه : .
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم ... لأية حرب أم بأي مكان وقد اهتدى موسى إلى هذا كله بالإلهام إذ لم تكن يومئذ شريعة إلهية في القبط . ويجوز أن يكون علمه بذلك مما تلقاه من أمه وقومها من تدين ببقايا دين إسحاق ويعقوب .
ولا التفات في هذا إلى جواز صدور الذنب من النبي لأنه لم يكن يومئذ نبيا ولا مسألة صدور الذنب من النبي قبل النبوة ؛ لأن تلك مفروضة فيما تقرر حكمه من الذنوب بحسب شرع ذلك النبي أو شرع نبي هو متبعه مثل عيسى عليه السلام قبل نبوءته لوجود شريعة التوراة وهو من أتباعها