وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هذا اعتراض بين أجزاء القصة المرتبة على حسب ظهورها في الخارج . وهذا الاعتراض نشأ عن جملة ( ولتعلم أن وعد الله حق ) فإن وعد الله لها قد حكي في قوله تعالى ( إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) . فلما انتهى إلى حكاية رده إلى أمه بقوله ( فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ) إلى آخره كمل ما فيه وفاء وعد الله إياها بهذا الاستطراد في قوله ( ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما ) وإنما أوتي الحكم أعني النبوة بعد خروجه من أرض مدين كما سيجيء في قوله تعالى ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ) . وتقدم نظير هذه الآية في سورة يوسف إلا قوله ( واستوى ) فقيل : إن ( استوى ) بمعنى بلغ أشده فيكون تأكيدا والحق أن الأشد كمال القوة لأن أصله جمع شدة بكسر الشين بوزن نعمة وأنعم وهي هيئة بمعنى القوة ثم عومل معاملة المفرد . وأن الاستواء : كمال البنية كقوله تعالى في وصف الزرع ( فاستغلظ فاستوى على سوقه ) ولهذا أريد لموسى الوصف بالاستواء ولم يوصف يوسف إلا ببلوغ الأشد خاصة لأن موسى كان رجلا طوالا كما في الحديث ( كأنه من رجال شنؤة فكان كامل الأعضاء ولذلك كان وكزه القبطي قاضيا على الموكوز . والحكم : الحكمة والعلم : المعرفة بالله .
( ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين [ 15 ] ) طويت أخبار كثيرة تنبئ عنها القصة وذلك أن موسى يفع وشب في قصر فرعون فكان معدودا من أهل بيت فرعون وقيل : كان يدعى موسى ابن فرعون .
وجملة ( ودخل المدينة ) عطف على جملة ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) عطف جزء القصة على جزء آخر منها وقد علم موسى أنه من بني إسرائيل لعله بأن أمه كانت تتصل به في قصر فرعون وكانت تقص عليه نبأه كله .
والمدينة هي " منفيس " قاعدة مصر الشمالية .
ويتعلق ( على حين غفلة ) ب ( دخل ) . ( وعلى ) للاستعلاء المجازي كما في قوله تعالى ( على هدى من ربهم ) أي متمكنا من حين غفلة .
وحين الغفلة : هو الوقت الذي يغفل فيه أهل المدينة عما يجري فيها وهو وقت استراحة الناس وتفرقهم وخلو الطريق منهم . قيل : كان ذلك في وقت القيلولة وكان موسى مجتازا بالمدينة وحده قيل ليلحق بفرعون إذ كان فرعون قد مر بتلك المدينة . والمقصود من ذكر هذا الوقت الإشارة إلى أن قتله القبطي لم يشعر به أحد تمهيدا لقوله بعد ( قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) الآيات ومقدمة لذكر خروجه من أرض مصر .
والإشارتان في قوله ( هذا من شيعته وهذا من عدوه ) تفصيل لما أجمل في قوله ( رجلين يقتتلان ) .
A E واسم الإشارة في مثل هذا لا يراعى فيه بعد ولا قرب فلذلك قد تكون الإشارتان متماثلتين كما هنا وكما في قوله تعالى ( لا إلى هؤلاء ) ويجوز اختلافهما كقول المتلمس : .
ولا يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان غير الحي والوتد .
هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثي له أحد والشيعة : الجماعة المنتمية إلى أحد وتقدم آنفا في قوله ( وجعل أهلها شيعا ) . والعدو : الجماعة التي يعاديها موسى أي يبغضها . فالمراد بالذي من شيعته أنه رجل من بني إسرائيل وبالذي من عدوه رجل من القبط قوم فرعون . والعدو وصف يستوي فيه الواحد والجمع كما تقدم عند قوله تعالى ( فإنهم عدو لي ) في سورة الشعراء .
ومعنى كون ( هذا من سيعته وهذا من عدوه ) يجوز أن يكون المراد بهذين الوصفين أن موسى كان يعلم أنه من بني إسرائيل بإخبار قصة التقاطه من اليم وأن تكون أمه قد أقضت إليه بخبرها وخبره كما تقدم فنشأ موسى على عداوة القبط وعلى إضمار المحبة لبني إسرائيل .
وأما وكزه القبطي فلم يكن إلا انتصارا للحق على جميع التقادير ولذلك لما تكررت الخصومة بين ذاك الإسرائيلي وبين قبطي آخر وأراد موسى أن يبطش بالقبطي لم يقل له القبطي : إن تريد إلا أن تنصر قومك وإنما قال ( إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض )