وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبين ذلك بالتفريع بقوله ( فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) فهو متفرع على قوله ( فاستكبروا ) أي استكبر فرعون وملؤه عن اتباع موسى وهارون فأفصحوا عن سبب استكبارهم عن ذلك بقولهم ( أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) . وهذا ليس من قول فرعون ولكنه قول بعض الملإ لبعض ولما كانوا قد تراضوا عليه نسب إليهم جميعا . وأما فرعون فكان مصغيا لرأيهم ومشورتهم وكان له قول آخر حكي في قوله تعالى ( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) فإن فرعون كان معدودا في درجة الآلهة لأنه وإن كان بشرا في الصورة لكنه اكتسب الإلهية بأنه ابن الآلهة .
والاستفهام في ( أنؤمن ) إنكاري أي ما كان لنا أن نؤمن بهما وهما مثلنا في البشرية وليسا بأهل لأن يكونا ابنين للآلهة لأنهما جاءا بتكذيب إلهية الآلهة فكان ملأ فرعون لضلالهم يتطلبون لصحة الرسالة عن الله أن يكون الرسول مباينا للمرسل إليهم فلذلك كانوا يتخيلون آلهتهم أجناسا غريبة مثل جسد آدمي ورأس بقرة أو رأس طائر أو رأس ابن آوى أو جسد أسد ورأس آدمي ولا يقيمون وزنا لتباين مراتب النفوس والعقول وهي أجدر بظهور التفاوت لأنها قرارة الإنسانية . وهذه الشبهة هي سبب ضلالة أكثر الأمم الذين أنكروا رسلهم .
واللام في قوله ( لبشرين ) لتعدية فعل ( نؤمن ) . يقال للذي يصدق المخبر فيما أخبر به : آمن له فيعدى فعل ( آمن ) باللام على اعتبار أنه صدق بالخبر لأجل المخبر أي لأجل ثقته في نفسه . فأصل هذه اللام لام العلة والأجل . ومنه قوله تعالى ( فآمن له لوط ) وقوله ( وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) . وأما تعدية فعل الإيمان بالباء فإنها إذا علق به ما يدل على الخبر تقول : آمنت بأن الله واحد . وبهذا ظهر الفرق بين قولك : آمنت بمحمد وقولك : آمنت لمحمد . فمعنى الأول : أنك صدقت شيئا . ولذلك لا يقال : آمنت لله وإنما يقال : آمن بالله . وتقول : آمن بمحمد وآمنت لمحمد . ومعنى الأول يتعلق بذاته وهو الرسالة ومعنى الثاني أنك صدقته فيما جاء به .
و ( مثلنا ) وصف ( لبشرين ) وهو مما يصح التزام إفراده وتذكيره دون نظر إلى مخالفة صيغه موصوفه كما هنا . ويصح مطابقته لموصوفه كما في قوله تعالى ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ) .
وهذا طعن في رسالتهما من جانب حالهما الذاتي ثم أعقبوه بطعن من جهة منشئهما وقبيلهما فقالوا ( وقومهما لنا عابدون ) أي وهم من فريق هم عباد لنا وأحط منا فكيف يسوداننا .
وقوله ( عابدون ) جمع عابد أي مطيع خاضع . وقد كانت بنو إسرائيل خولا للقبط وخدما لهم قال تعالى ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) .
وتفرع على قولهم التصميم على تكذيبهم إياهما المحكي بقوله ( فكذبوهما ) أي أرسى أمرهم على أن كذبوهما ثم فرع على تكذيبهم أن كانوا من المهلكين إذ أهلكهم الله بالغرق أي فانتظموا في سلك الأقوام الذين أهلكوا . وهذا أبلغ من أن يقال : فأهلكوا كما مر بنا غير مرة .
والتعقيب هنا تعقيب عرفي لأن الإغراق لما نشأ عن التكذيب فالتكذيب مستمر إلى حين الإهلاك .
وفي هذا تعريض بتهديد قريش على تكذيبهم رسولهم صلى الله عليه وسلم لأن في قوله ( من المهلكين ) إنما إلى أن الإهلاك سنة الله في الذين يكذبون رسله .
( ولقد آتينا موسى الكتب لعلهم يهتدون [ 49 ] ) لما ذكرت دعوة موسى وهارون لفرعون وملئه وما ترتب على تكذيبهم من إهلاكهم أكملت قصة بعثة موسى بالمهم منها الجاري ومن بعثة من سلف من الرسل المتقدم ذكرهم وهو إيتاء موسى الكتاب لهداية بني إسرائيل لحصول اهتدائهم ليبني على ذلك الاتعاظ بخلافهم على رسلهم في قوله بعد ذلك ( فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا ) فإن موعظة المكذبين رسولهم بذلك أولى . وهنا وقع الإعراض عن هارون لأن رسالته قد انتهت لاقتصاره على تبليغ الدعوة لفرعون وملئه إذ كانت مقام محاجة واستدلال فسأل موسى ربه إشراك أخيه هارون في تبليغها لأنه أفصح منه لسانا في بيان الحجة والسلطان المبين .
والتعريف في ( الكتاب ) للعهد . وهو التوراة .
A E