وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والغثاء : ما يحمله السيل من الأعواد اليابسة والورق . والكلام على التشبيه البليغ للهيئة فهو تشبيه حالة بحالة أي جعلناهم كالغثاء في البلى والتكدس في موضع واحد فهلكوا هلكة واحدة .
وفرع على حكاية تكذيبهم دعاء عليهم وعلى أمثالهم دعاء شتم وتحقير بأن يبعدوا تحقيرا لهم وكراهية وليس مستعملا في حقيقة الدعاء لأن هؤلاء بعدوا بالهلاك . وانتصب ( بعدا ) على المفعولية المطلقة بدلا من فعله مثل : تبا وسحقا أي أتبه الله وأسحقه .
وعكس هذا المعنى قول العرب لا تبعد ( بفتح العين ) أي لا تفقد . قال مالك بن الريب : .
يقولون لا تبعد وهم يدفنوني ... وأين مكان البعد إلا مكانيا والمراد بالقوم الظالمين الكافرون ( إن الشرك لظلم عظيم ) . واختير هذا الوصف هنا لأن هؤلاء ظلموا أنفسهم بالإشراك وظلموا هودا لأنه تعمد الكذب على الله إذ قالوا ( إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا ) .
والتعريف في ( الظالمين ) للاستغراق فشملهم ولذلك تكون الجملة بمنزلة التذييل .
واللام في ( للقوم الظالمين ) للتبيين وهي مبينة للمقصود بالدعاء زيادة في البيان كما في قولهم : سحقا لك وتبا له فإنه لو قيل : فبعدا لعلم أنه دعاء عليه فبزيادة اللام يزيد بيان المدعو عليهم وهي متعلقة بمحذوف مستأنف للبيان .
( ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين [ 42 ] ما تسبق من أمة أجلها وما يستئخرون [ 43 ] ) القرون : الأمم وهذا كقوله تعالى ( وقرونا بين ذلك كثيرا ) .
وهي الأمم الذين لم ترسل إليهم رسل وبقوا على اتباع شريعة نوح أو شريعة هود أو شريعة صالح . أو لم يؤمروا بشرع لأن الاقتصار على ذكر الأمم هنا دون ذكر الرسل ثم ذكر الرسل عقب هذا يومئ إلى أن هذه إما أمم لم تأتهم رسل لحكمة اقتضت تركهم على ذلك لأنهم لم يتأهلوا لقبول شرائع أو لأنهم كانوا على شرائع سابقة .
وجملة ( ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) معترضة بين المتعاطفة . وهي استئناف بياني لما يؤذن به قوله ( ثم أنشأنا من بعدهم قرونا ) من كثرتها ولا يؤذن به وصفهم ب ( آخرين ) من جهل الناس بهم ولما يؤذون به عطف جملة ( ثم أرسلنا رسلنا تترى ) من انقراض هذه القرون بعد الأمة التي ذكرت قصتها آنفا في قوله ( ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ) دون أن تجيئهم رسل فكان ذلك كله مما يثير سؤال سائل عن مدة تعميرهم ووقت انقراضهم . فيجاب بالإجمال لأن لكل قرن منهم أجلا عينه الله يبقى إلى مثله ثم ينقرض ويخلفه قرن آخر يأتي بعده أو يعمر بعده قرن كان معاصرا له وأن ما عين لكل قرن لا يتقدمه ولا يتأخر عنه كقوله تعالى ( لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) .
والسبق : تجاوز السائر وتركه مسائره خلفه وعكسه التأخر . والمعنى واضح . والسين والتاء في ( يستأخرون ) زائدتان للتأكيد مثل : استجاب .
وضمير ( يستأخرون ) عائد إلى ( أمة ) باعتبار الناس .
( ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء امة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلنهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون [ 44 ] ) الرسل الذين جاءوا من بعد أي من بعد هذه القرون منهم إبراهيم ولوط ويوسف وشعيب ومن أرسل قبل موسى ورسل لم يقصصهم الله على رسوله .
والمقصود بيان اطراد سنة الله تعالى في استئصال المكذبين رسله المعاندين في آياته كما دل عليه قوله ( فأتبعنا بعضهم بعضا ) .
و ( تترى ) قرأه الجمهور بألف في آخره دون تنوين فهو مصدر على وزن فعلى مثل دعوى وسلوى وألفه للتأنيث مثل ذكرى فهو ممنوع من الصرف . وأصله : وترى بواو في أوله مشتقا من الوتر وهو الفرد . وظاهر كلام اللغويين انه لا فعل له أي فردا فردا أي فردا بعد فرد فهو نظير مثنى . وأبدلت الواو تاء إبدالا غير قياسي كما أبدلت في ( تجاه ) للجهة المواجهة وفي ( تولج ) لكناس الوحش ( وتراث ) للموروث .
ولا يقال تترى إلا إذا كان بين الأشياء تعاقب مع فترات وتقطع . ومنه التواتر وهو تتابع الأشياء وبينها فجوات . والوتيرة : الفترة عن العمل . وأما التعاقب بدون فترة فهو التدارك . يقال : جاءوا متداركين أي متتابعين .
وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر منونا وهي لغة كنانة . وهو على القراءتين منصوب على الحال من ( رسلنا )