وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : أن ماتقدم قبل الطوفان من بعد بعثة نوح من تكذيب قومه وآذاهم إياه والمؤمنين معه إنما كان ابتلاء من الله لحكمته تعالى ليميز الله للناس الخبيث من الطيب ولو شاء الله لآمن بنوح قومه ثم لو شاء الله لنصره عليهم من أول يوم وهذه سنة إلهية . وفي هذا المعنى ما جاء في حديث أبي سفيان أن هرقل قال له " وكذلك الأنبياء تبتلى ثم تكون لهم العاقبة " وفي القرآن ( والعاقبة للمتقين ) .
والابتلاء تقدم في قوله تعالى ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه ) وقوله ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) في سورة البقرة .
وفي قوله ( وإن كنا لمبتلين ) تسلية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على ما يلقاه من المشركين وتعريض بتهديد المشركين بأن ما يواجهون به الرسول صلى الله عليه وسلم لا بقاء له وإنما هو بلوى تزول عنه وتحل بهم ولكل حظ يناسبه .
ولكون هذا مما قد يغيب عن الألباب نزل منزلة الشيء المتردد فيه فأكد ب ( إن ) المخففة وبفعل ( كنا ) .
واللام هي الفارقة بين ( إن ) المؤكدة المخففة عند إهمال عملها وبين ( إن ) النافية .
( ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين [ 32 ] فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون [ 32 ] ) تعقيب قصة نوح وقومه بقصة رسول آخر أي أخرى وما بعدها من القصص يراد منه أن ما أصاب قوم نوح على تكذيبهم له لم يكن صدفة ولكنه سنة الله في المكذبين لرسله ولذلك لم يعين القرن ولا القرون بأسمائهم .
والقرن : الأمة . والأظهر أن المراد به هنا ثمود لأنه الذي يناسبه قوله في آخر القصة ( فأخذتهم الصيحة بالحق ) لأن ثمود أهلكوا بالصاعقة ولقوله ( قال عما قليل ليصبحن نادمين ) مع قوله في سورة الحجر ( فأخذتهم الصيحة مصبحين ) فكان هلاكهم في الصباح . ولعل تخصيصهم بالذكر هنا دون عاد خلافا لما تكرر في غير هذه الآية لأن العبرة بحالهم أظهر لبقاء آثار ديارهم بالحجر كما قال تعالى ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) .
وقوله ( فأرسلنا فيهم رسولا ) أي جعل الرسول بينهم وهو منهم أي من قبيلتهم . وضمير الجمع عائد إلى ( قرنا ) لأنه في تأويل ( الناس ) كقوله ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) .
وعدي فعل ( أرسلنا ) ب ( في ) دون ( إلى ) لإفادة أن الرسول كان منهم ونشأ فيهم لأن القرن لما لم يعين باسم حتى يعرف أن رسولهم منهم أو واردا إليهم مثل لوط لأهل " سدوم " ويونس لأهل " نينوى " وموسى للقبط . وكان التنبيه على أن رسولهم منه مقصودا إتماما للمماثلة بين حالهم وحال الذين أرسل إليهم محمد صلى الله عليه وسلم .
وكلام رسولهم مثل كلام نوح .
و ( أن ) تفسير لما تضمنه ( أرسلنا ) من معنى القول .
( وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون [ 33 ] ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون [ 34 ] أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظما أنكم مخرجون [ 35 ] هيهات هيهات لما توعدون [ 36 ] إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين [ 37 ] إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين [ 38 ] ) عطفت حكاية قول قومه على حكاية قوله ولم يؤت بها مفصولة كما هو شأن حكاية المحاورات كما بيناه غير مرة في حكاية المحاورات ب ( قال ) ونحوها دون عطف . وقد خولف ذلك في الآية السابقة للوجه الذي بيناه وخولف أيضا في سورة الأعراف وفي سورة هود إذ حكي جواب هؤلاء القوم رسولهم بدون عطف .
ووجه ذلك أن كلام الملأ المحكي هنا غير كلامهم المحكي في السورتين لأن ما هنا كلامهم الموجه إلى خطاب قومهم إذ قالوا ( ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ) إلى آخره خشية منهم أن تؤثر دعوة رسولهم في عامتهم فرأوا الاعتناء لأن يحولوا دون تأثر نفوس قومهم بدعوة رسولهم أولى من أن يجاوبوا رسولهم كما تقدم بيانه آنفا في قصة نوح .
A E