وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإنما عبر هنالك بقوله ( قلنا احمل فيها ) وهنا بقوله ( فاسلك فيها ) لأن آية سورة هود حكت ما خاطبه الله به عند حدوث الطوفان وذلك وقت ضيق فأمر أن يحمل في السفينة من أراد الله إبقاءهم فأسند الحمل إلى نوح تمثيلا للإسراع بإركاب ما عين له في السفينة حتى كأن حاله في إدخاله إياهم حال من يحمل شيئا ليضعه في موضع وآية هذه السورة حكت ما خاطبه الله به من قبل حدوث الطوفان إنباء بما يفعله عند حدوث الطوفان فأمره بأنه حينئذ يدخل في السفينة من عين الله إدخالهم مع ما في ذلك من التفنن في حكاية القصة .
ومعنى ( أسلك ) أدخل وفعل ( سلك ) يكون قاصرا بمعنى دخل ومتعديا بمعنى أدخل ومنه قوله تعالى ( ماسلككم في سقر ) . وقول الأعشى : .
" كما سلك السكي في الباب فيتق وتقدم الكلام على مثل قوله ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) في سورة هود .
وقرأ الجمهور ( من كل زوجين ) بإضافة ( كل ) إلى ( زوجين ) . وقرأه حفص بالتنوين ( كل ) على أن يكون ( زوجين ) مفعول ( فاسلك ) وتنوين ( كل ) تنوين عوض يشعر بمحذوف أضيف إليه ( كل ) . وتقديره : من كل ما أمرتك أن تحمله في السفينة .
( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجنا من القوم الظالمين [ 28 ] وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين [ 29 ] ) الاستواء : الاعتلاء . وتقدم عند قوله تعالى ( ثم استوى على العرش ) في سورة الأعراف .
وإطلاق الاستواء على الاستقرار في داخل السفينة مجاز مرسل بعلاقة الإطلاق وإلا فحقيقة الاستقرار في الفلك أنه دخول . وأتي بحرف الاستعلاء دون حرف الظرفية لأنه الذي يتعدى به معنى الاعتلاء إيذانا بالتمكن من الفلك فهو ترشيح للمجاز .
والتنجية من القوم الظالمين : الإنجاء من أذاهم والكون فيهم لأن في الكون بيهنم مشاهدة كفرهم ومناكرهم وذلك مما يؤذي المؤمن .
والظلم يجوز أن يراد به الشرك كما قال تعالى ( إن الشرك لظلم عظيم ) ويجاوز أن يراد به الاعتداء على الحق لأن الكافرين كانوا يؤذون نوحا والمؤمنين بشتى الأذى باطلا وعدوانا وإنما كان ذلك إنجاء لأنهم قد استقلوا بجماعتهم فسلموا من الاختلاط بأعدائهم .
وقد ألهمه الله بالوحي أن يحمد ربه على ما سهل له من سبيل النجاة وأن يسأله نزولا في منزل مبارك عقب ذلك الترحل والدعاء لذلك يتضمن سؤال سلامة من غرق السفينة . وهذا كالمحامد التي يعلمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم يوم الشفاعة فيكون في ذلك التعليم إشارة إلى أنه سيتقبل ذلك منه .
وجملة ( وأنت خير المنزلين ) في موضع الحال . وفيها معنى تعليل سؤاله ذلك .
وقرأ الجمهور ( منزلا ) بضم الميم وفتح الزاي وهو اسم مفعول من ( أنزله ) على حذف المجرور أي منزلا فيه . ويجوز أن يكون مصدرا أي إنزالا مباركا . والمعنيان متلازمان . وقرأه أبو بكر عن عاصم بفتح الميم وكسر الزاي وهو اسم لمكان النزول .
( إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين [ 30 ] ) لما ذكر هذه القصة العظيمة أعقبها بالتنبيه إلى موضع العبرة منها للمسلمين فأتى بهذا الاستئناف لذلك .
والإشارة إلى ما ذكر من قصة نوح مع قومه وما فيها . والآيات : الدلالات أي لآيات كثيرة منها ما هي دلائل على صدق رسالة نوح وهي إجابة دعوته وتصديق رسالته وإهلاك مكذبيه ومنها آيات لأمثال قوم نوح من الأمم المكذبين لرسلهم ومنها آيات على عظيم قدرة الله تعالى في إحداث الطوفان وإنزال من في السفينة منزلا مباركا ومنها آيات على علم الله تعالى وحكمته إذ قدر لتطهير الأرض من الشرك مثل هذا الاستيصال العام لأهله وإذ قدر لإبقاء الأنواع مثل هذا الصنع الذي أنجى به من كل نوع زوجين ليعاد التناسل .
وعطف على جملة ( إن في ذلك لآيات ) جملة ( وإن كنا لمبتلين ) لأن مضمون ( وإن كنا لمبتلين ) يفيد معنى : إن في ذلك لبلوى فكأنه قيل : إن في ذلك لآيات وابتلاء وكنا مبتلين أي وشأننا ابتلاء أوليائنا .
فإن الابتلاء من آثار الحكمة الإلهية لترتاض به نفوس أوليائه وتظهر مغالبتها للدواعي الشيطانية فتحمل عواقب البلوى ولتتخبط نفوس المعاندين وينزوي بعض شرها زمانا .
A E