وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن يكون معنى ( تخرج ) تظهر وتعرف فيكون أول اهتداء الناس إلى منافع هذه الشجرة وانتقالهم إياها كان من الزيتون الذي بطور سيناء . وهذا كما نسمي الديك الرومي في بلدنا بالديك الهندي لأن الناس عرفوه من بلاد الهند وكما تسمى بعض السيوف في بلاد العرب بالمشرفية لأنها عرفت من مشارف الشام وبعض الرماح الخطية لأنها ترد إلى بلاد العرب من مرفأ يقال له : الخط وبعض السيوف بالمهند لأنه يجلب من الهند وقد كان الزيت يجلب إلى بلاد العرب من الشام ومن فلسطين .
وأياما كان فليس القصد من ذكر أنها تخرج من طور سيناء إلا التنبيه على أنه منبتها الأصلي وإلا فإن الامتنان بها لم يكن موجها يومئذ لسكان طور سيناء . وما كان هذا التنبيه إلا للتنويه بشرف منبتها وكرم الموطن الذي ظهرت فيه ولم تزل شجرة الزيتون مشهورة بالبركة بين الناس . ورأيت في لسان العرب عن الأصمعي عن عبد الملك بن صالح : أن كل زيتونة بفلسطين من غرس أمم يقال لهم اليونانيون 1 ه . والظاهر أنه يعني به زيتون زمانهم الذي أخلفوا به أشجارا قديمة بادت .
وفي أساطير اليونان ( ميثولوجيا ) أن منيرفا ونبتون ( الربين في اعتقاد اليونان ) تنازعا في تعيين أحدهما ليضع اسما لمدينة بناها ( ككرابيس ) فحكمت الأرباب بينهما بأن هذا الشرف لا يناله إلا من يصنع أنفع الأشياء . فأما ( نبتون ) فأوجد فرسا بحريا عظيم القوة وأما ( مينيرفا ) فصنعت شجرة الزيتون بثمرتها فحكم الأرباب لها بأنها أحق فلذلك وضعوا للمدينة اسم ( اثينا ) الذي هو اسم منيرفا . وزعموا أن ( هيركول ) لما رجع من بعض غزواته جاء معه بأغصان من الزيتون فغرسها في جبل ( أولمبوس ) وهو مسكن آلهتهم في زعمهم .
فقد كان زيت الزيتون مستعملا عند اليونان من عهد ( هوميروس ) إذ ذكر في الإلياذة أن ( أخيل ) سكب زيتا على شلو ( فطر قليوس ) وشلو ( هكتور ) .
وكان الزيت نادرا في معظم بلاد العرب إذ كان يجلب إلى بلاد العرب من الشام .
وقد ضرب الله بزيت الزيتونة مثلا لنوره في قوله ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتون لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور ) .
والتعبير بالمضارع في قوله ( تخرج من طور سيناء ) لاستحضار الصورة العجيبة المهمة التي كونت بها تلك الشجرة في أول تكوينها حتى كأن السامع يبصرها خارجة بالنبات في طور سيناء . وذلك كقوله ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير ) . وهذا أنسب بالوجه الأول في تفسير معنى ( تخرج من طور سيناء ) .
ومعنى ( تنبت بالدهن ) أنها تنبت ملابسة للدهن فالباء للملابسة .
وهذه الآية مثال لباء الملابسة . والملابسة معنى واسع . فملابسة نبات شجرة الزيتون للدهن والصبغ ملابسة بواسطة ملابسة ثمرتها للدهن والصبغ ؛ فإن ثمرتها تشتمل على الزيت وهو يكون دهنا وصبغا للآكلين . فأما كونه دهنا فهو أنه يدهن به الناس أجسادهم ويرجلون به شعورهم ويجعلون فيه عطورا فيرجلون به الشعور وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدهن بالزيت في رأسه .
والدهن بضم الدال : اسم لما يدهن به أي يطلى به شيء ويطلق الدهن على الزيت باعتبار أنه يطلى به الجسد للتداوي والشعر للترجيل .
والصبغ بكسر الصاد : ما يصبغ به أي يغير به اللون . ثم توسع في إطلاقه على كل مائع يطلى به ظاهر جسم ما ومنه قوله تعالى ( صبغة الله ) وسمي الزيت صبغا لأنه يصبغ به الخبز . وعطف ( صبغ ) على ( الدهن ) باعتبار المغايرة في ما تدل عليه مادة اشتقاق الوصف فإن الصبغ ما يصبغ به والدهن ما يدهن والصبغ أخص ؛ فهو من باب عطف الخاص على العام للاهتمام وكانوا يأدمون به الطعام وذلك صبغ للطعام . أخرج الترمذي في سننه عن عمر بن الخطاب وعن أبي أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " .
وقرأ الجمهور ( تنبت ) بفتح التاء وضم الموحدة وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس ويعقوب بضم التاء وكسر الموحدة على لغة من يقول : أنبت بمعنى نبت أو على حذف المفعول أي تنبت هي ثمرها أي تخرجه .
A E