وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وطور سيناء : جبل في صحراء سيناء الواقعة بين عقبة أيله وبين مصر وهي من بلاد فلسطين في القديم وفيه ناجى موسى ربه تعالى وتقدم الكلام عليه في سورة الأعراف عند قوله ( ولكن انظر إلى الجبل ) . وغلب عليه اسم الطور بدون إضافة وطور سيناء أو طور سينين . ومعنى الطور الجبل . وسيناء قيل اسم شجر يكثر هنالك . وقيل اسم حجارة . وقيل هو اسم لذلك المكان . قيل هو اسم نبطي وقيل هو اسم حبشي ولا يصح . وإنما اغتر من قاله بمشابهة هذا الاسم لوصف الحسن في اللغة الحبشية وهو كلمة سناه . ومثل هذا التشابه قد أثار أغلاطا .
وسكنت ياء ( سيناء ) سكونا ميتا وبه قرأ الجمهور . ويجوز فيها الفتح وسكون الياء سكونا حيا وبه قرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وهو في القراءتين ممدود وهو فيهما ممنوع من الصرف فقيل للعلمية والعجمة على قراءة الكسر لأن وزن فعلاء إذا كان عينه أصلا لاتكون ألفه للتأنيث بل للالحاق وألف الإلحاق لاتمنع الصرف وعلى قراءة الفتح فمنعه لأجل ألف التأنيث لأن وزن فعلاء من أوزان ألف التأنيث .
وقوله ( تخرج من طور سيناء ) يقتضي أن لها مزيد اختصاص بطور سيناء . وقد غمض وجه ذاك . والذي أراه أن الخروج مستعمل في معنى النشأة والتخلق كقوله تعالى ( فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ) وقوله ( يخرج به زرعا مختفلا ألوانه ) . وذلك أن حقيقة الخروج هو البروز من المكان ولما كان كل مخلوق يبرز بعد العدم وكان المكان لازما لكل حادث شبه ظهور الشيء بعد أن كان معدوما بخروج الشيء من المكان الذي كان محجوبا فيه . وهي استعارة شائعة في القرآن .
فيظهر أن المعنى أن الله خلق أول شجر الزيتون في طور سيناء وذلك أن الأجناس والأنواع الموجودة على الكرة الأرضية لابد لها من مواطن كان فيها ابتداء وجودها قبل وجودها في غيرها لأن بعض الأمكنة تكون أسعد لنشأة بعض الموجودات من بعض آخر لمناسبة بين طبيعة المكان وطبيعة الشيء الموجود فيه من حرارة أو برودة أو اعتدال وكذلك فصول السنة كالربيع لبعض الحيوان والشتاء لبعض آخر والصيف لبعض غيرها فالله تعالى يوجد الموجودات في الأحوال المناسبة لها فالحيوان والنبات كله جار على هذا القانون .
ثم إن البشر إذا نقلوا حيوانا أو نباتا من أرض إلى أرض أو أرادوا الانتفاع به في فصل غير فصله ورأوا عدم صلاحية المكان أو الزمان المنقول إليهما يحتالون له بما يكمل نقصه من تدفئة في شدة برد أو تبريد بسبح في الماء في شدة الحر حتى لا يتعطل تناسل ذلك المنقول إلى غير مكانه فكما أن بعض الحيوان أو النبات لا يعيش طويلا في بعض المناطق الملائمة لطباعه كالغزال في بلاد الثلوج فكذلك قد يكون بعض الأماكن من المنطقة الملائمة للحيوان أو النبات أصلح به من بعض جهات تلك المنطقة فلعل جو طور سيناء لتوسطه بين المناطق المتطرفة حرا وبردا ولتوسط ارتفاعه بين النجود والسهول يكون أسعد بطبع فصيلة الزيتون كما قال تعالى ( زيتونه لا شرقية ولا غربية ) فالله تعالى هيأ لتكوينها حين أراد تكوينها ذلك المكان كما هيأ لتكوين آدم طينة خاصة فقال ( خلق الإنسان من صلصال ) . ثم يكون الزيتون قد نقل من أول مكان ظهر فيه إلى أمكنة أخرى نقله إليها ساكنوها للانتفاع به فنجح في بعضها ولم ينجح في بعض .
وقد ثبت في التوراة أن شجرة الزيتون كانت موجودة قبل الطوفان وبعده . ففي الإصحاح الثامن من سفر التكوين : أن نوح أرسل حمامة تبحث عن مكان غيضت عنه مياه الطوفان فرجعت الحمامة عند المساء تحمل في منقارها ورقة زيتون خضراء فعلم نوح أن الماء أخذ يغيض عن الأرض .
ومعلوم أن ابتداء غيض الماء إنما ينكشف عن أعالي الجبال أول الأمر فلعل ورقة الزيتون التي حملتها الحمامة كانت من شجرة في طور سيناء .
وأياما كان فقد عرف نوح ورقة الزيتون فدل على أنهم كانوا يعرفون هذه الشجرة قبل الطوفان . ولكن لم يرد ذكر استعمال زيت الزيتون في طعام في التاريخ القديم إلا في عهد موسى عليه السلام أيام كان بنو إسرائيل حول طور سيناء ؛ فقد استعمل الزيت لإنارة خيمة الاجتماع بوحي الله لموسى وسكب موسى دهن المسحة على رأس هارون أخيه حين أقامه كاهنا لبني إسرائيل .
A E