وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

التاسع والعشرون : أن الموعد به هنا يحتمل في بادئ النظر وقوعه حالا بخلافه هناك فإن المستقبل متعين لوقوعه لمكان ( أن ) . وظاهر أن التهديد لمحتمل الوقوع في الحال أهول ومتعين الوقوع في الاستقبال أهون .
الثلاثون : أن ما هنا لا يحتمل غير الإيعاد بخلاف ما هناك فأنه يحتمل ولو علم بعد أن يكون المراد به الامتنان بأنه : إن أصبح ماؤكم غورا فلا يأتيكم بماء معين سوى الله تعالى .
وأنا أقول : عني هؤلاء النحارير ببيان التفاوت بين الآيتين ولم يتعرض أحدهم للكشف عن وجه وتوفير الخصائص في هذه الآية دون الآية الأخرى مما يوازنها وليس ذلك لخلو الآية عن نكت الإعجاز ولا عجز الناظرين عن استخراج أمثالها ؛ ولكن ما يبين من الخصائص البلاغية في القرآن ليس يريد من يبينه أن ما لاح له ووفق إليه هو قصارى ما أودعه الله في نظم القرآن من الخصائص والمعاني ولكن مبلغ ماصا دف لوحه للناظر المتدبر والعلماء متفاوتون في الكشف عنه على قدر القرائح والفهوم فقد يفاض على أحد من إدراك الخصائص البلاغية في بعض الآيات ولا يفاض عليه مثله أو على مثله في غيرها . وإنما يقصد أهل المعاني بإفاضة القول في بعض الآيات أن تكون نموذجا لاستخراج أمثال تلك الخصائص في آيات اخرى . كما فعل السكاكي في بيان خصائص قوله تعالى ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ) الآية من مبحث الفصاحة والبلاغة من المفتاح وأنه قال في منتهى كلامه ( ولا تظنن الآية مقصورة على ما ذكرت فلعل ما تركت أكثر مما ذكرت لأن المقصود لم يكن إلا الإرشاد لكيفية اجتناء ثمرات علمي المعاني والبيان ) .
وقد نقول : إن آية سورة المؤمنين قصد منها الإنذار والتهديد بسلب تلك النعمة العظيمة وأما آية سورة الملك فالقصد منها الاعتبار بقدرة الله تعالى على سلبها فاختلاف المقامين له أثر في اختلاف المقتضيات فكانت آية سورة المؤمنين آثر بوفرة الخصائص المناسبة لمقام الإنذار والتهديد دون تعطيل لاستخراج خصائص فيها لعلنا نلم بها حين نصل إليها .
على أن سورة الملك نزلت عقب نزول سورة المؤمنين وقد يتداخل نزول بعضها مع نزول بعض سورة المؤمنين فلما أشبعت آية سورة المؤمنين بالخصوصيات التي اقتضاها المقام اكتفي عن مثلها في نظيرتها من سورة الملك فسلك في الثانية مسلك الإيجاز لقرب العهد بنظيرها .
وإنشاء الجنات من صنع الله تعالى أول إنبات الجنات في الأرض ومن بعد ذلك أنبتت الجنات بغرس البشر وذلك أيضا من صنع الله بما أودع في العقول من معرفة الغرس والزرع والسقي وتفجير المياه واجتلابها من بعد فكل هذا الإنشاء من الله تعالى .
والجنة : المكان ذو الشجر . وأكثر إطلاقه على ما كان فيه نخل وكرم . وقد تقدم عند قوله تعالى كمثل ( جنة بربوة ) الآية في سورة البقرة .
وما ذكر هنا من أصناف الشجر الثلاثة هو أكرم الشجر وأنفعه ثمرا وهو النخيل والأعناب والزيتون وتقدم الكلام على النخيل والأعناب والزيتون في سورة النحل .
والفواكه : جمع فاكهة وهي الطعام الذي يتفكه بأكله أي يتلذذ بطعمه من غير قصد القوت فإن قصد به القوت قيل له طعام . فمن الأطعمة ما هو فاكهة وطعام كالتمر والعنب لأنه يؤكل رطبا ويابسا ومنها ما هو فاكهة وليس بطعام كاللوز والكمثرى ومنها ما هو طعام غير فاكهة كالزيتون ولذلك أخر ذكر شجرة الزيتون عن ذكر أخويها لأنه أريد الامتنان بما في ثمرتهما من التفكه والقوت فتكون منة بالحاجي والتحسيني .
ووصف الفواكه ب ( كثيرة ) باعتبار اختلاف الأصناف كالبسر والرطب والتمر وكالزيت والعنب والرطب وأيضا باعتبار كثرة إثمار هذين الشجرين .
( وشجرة ) عطف على ( جنات ) أي وأخرجنا لكم به شجرة تخرج من طور سيناء وهي شجرة الزيتون وجملة ( تخرج ) صفة ل ( شجرة ) .
وتخصيصها بالذكر مع طي كون الناس منها يأكلون تنويه بشأنها وإيماء إلى كثرة منافعها لأن من ثمرتها طعاما وإصلاحا ومداواة ومن أعوادها وقود وغيره . وفي الحديث " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " .
A E