وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

A E انتقال من الاستدلال بخلق الإنسان إلى الاستدلال بخلق العوالم العلوية لأن أمرها أعجب وإن كان الإنسان إلى نظيره أقرب فالجملة عطف على جملة ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) . وانما ذكر هذا عقب قوله ( ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) للتنبيه على أن الذي خلق هذا العالم العلوي ما خلقه إلا الحكمة وأن الحكيم لايهمل ثواب الصالحين على حسناتهم ولا جزاء المسيئين على سيئاتهم وأن جعله تلك الطرائق فوقنا بحيث نراها ليدلنا على أن لها صلة بنا لأن عالم الجزاء كائن فيها ومخلوقاته مستقرة فيها فالإشارة بهذا الترتيب مثل الإشارة بعكسه في قوله ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) .
والطرائق : جمع طريقة وهي اسم للطريق تذكر وتؤنث . والمراد بها هنا طرائق سير الكواكب السبعة وهي أفلاكها أي الخطوط الفرضية التي ضبط الناس بها سموت سير الكواكب . وقد أطلق على الكواكب اسم الطارق في قوله تعالى ( والسماء والطارق ) من أجل أنه ينتقل في سمت يسمى طريقة فإن الساير في طريق يقال له : طارق ولا شك أن الطرائق تستلزم سائرات فيها فكان المعنى : خلقنا سيارات وطرائقها .
وذكر ( فوقكم ) للتنبيه على وجوب النظر في أحوالها للاستدلال بها على قدرة الخالق لها تعالى فإنها بحالة إمكان النظر إليها والتأمل فيها .
ولأن كونها فوق الناس مما سهل انتفاعهم بها في التوقيت ولذلك عقب بجملة ( وما كنا عن الخلق غافلين ) المشعر بأن في ذلك لطفا بالخلق وتيسيرا عليهم في شؤون حياتهم وهذا امتنان . فالواو في جملة ( وما كنا عن الخلق غافلين ) للحال والجملة في موضع الحال . وفيه تنبيه للنظر في أن عالم الجزاء كائن بتلك العوالم قال تعالى ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) .
والخلق مفعول سمي بالمصدر أي ما كنا غافلين عن حاجة مخلوقاتنا يعني البشر . ونفي الغفلة كناية عن العناية والملاحظة فأفاد ذلك أن في خلق الطرائق السماوية لما خلقت له لطفا بالناس أيضا إذ كان نظام خلقها صالحا لانتفاع الناس به في مواقيتهم وأسفارهم في البر والبحر كما قال ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ) . وأعظم تلك الطرائق طريقة الشمس مع ما زادت به من النفع بالإنارة وإصلاح الأرض والأجساد فصار المعنى : خلقنا فوقكم سبع طرائق لحكمة لا تعلمونها وما أهملنا في خلقها رعي مصالحكم أيضا .
والعدل عن الإضمار إلى الإظهار في قوله ( وما كنا عن الخلق غافلين ) دون أن يقال : وما كنا عنكم غافلين لما يفيده المشتق من معنى التعليل أي ما كنا عنكم غافلين لأنكم مخلوقاتنا فنحن نعاملكم بوصف الربوبية وفي ذلك تنبيه على وجوب الشكر والإقلاع عن الكفر .
( وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكنه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون [ 18 ] فأنشأنا لكم به جنت من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون [ 19 ] وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين [ 20 ] ) مناسبة عطف إنزال ماء المطر على جملة ( ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ) أن ماء المطر ينزل من صوب السماء أي من جهة السماء .
وفي إنزال ماء المطر دلالة على سعة العلم ودقيق القدرة وفي ذلك أيضا منة على الخلق فالكلام اعتبار وامتنان من قوله ( فأنشأنا لكم به جنات ) إلى آخره . ومعنى هذه الآية تقدم في سورة الأنعام وسورة الرعد وسورة النحل .
وإنزال الماء هو إسقاطه من السحب ماء وثلجا وبردا على السهول والجبال .
والقدر هنا : التقدير والتعيين للمقدار في الكم وفي النوبة فيصح أن يحمل على صريحه أي بمقدار معين مناسب للإنعام به لأنه إذا أنزل كذلك حصل به الري والتعاقب وكذلك ذوبان الثلوج النازلة . ويصح أن يقصد مع ذلك الكناية عن الضبط والإتقان . وليس المراد بالقدر هنا المعنى الذي في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وتؤمن بالقدر خيره وشره ) .
والإسكان : جعل الشيء في مسكن والمسكن : محل القرار وهو مفعل اسم مكان مشتق من السكون .
A E