وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( فإنهم غير ملومين ) تصريح بزائد على حكم مفهوم الاستثناء لأن الاستثناء لم يدل على أكثر من كون عدم الحفظ على الأزواج والمملوكات لا يمنع الفلاح فأريد زيادة بيان أنه أيضا لا يوجب اللوم الشرعي فيدل هذا بالمفهوم على أن عدم الحفظ على من سواهن يوجب اللوم الشرعي ليحذره المؤمنون .
والفاء في قوله ( فإنهم غير ملومين ) تفريع للتصريح على مفهوم الاستثناء الذي هو في قوة الشرط فأشبه التفريع عليه جواب الشرط فقرىء بالفاء تحقيقا للاشتراط .
A E وزيد ذلك التحذير تقريرا بأن فرع عليه ( فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) لأن داعية غلبة شهوة الفرج على حفظ صاحبه إياه غريزة طبيعية يخشى أن تتغلب على حافظها فالإشارة بذلك إلى المذكور في قوله ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) أي وراء الأزواج والمملوكات أي غير ذينك الصنفين .
وذكر حفظ الفرج هنا عطفا على الإعراض عن اللغو لأن من الإعراض عن اللغو ترك اللغو بالأحرى كما تقدم آنفا ؛ لأن زلة الصالح قد تأتيه من انفلات أحد هذين العضوين من جهة ما أودع في الجبلة من شهوة استعمالهما فلذلك ضبطت الشريعة استعمالهما بأن يكون في الأمور الصالحة التي أرشدت إليها الديانة . وفي الحديث : ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ) .
واللوم : الإنكار على الغير ما صدر منه من فعل أو قول لا يليق عند الملائم وهو مرادف العذل وأضعف من التعنيف .
و ( وراء ) منصوب على المفعول به . وأصل الوراء اسم المكان الذي في جهة الظهر ويطلق على الشيء الخارج عن الحد المحدود تشبيها للمتجاوز الشيء بشيء موضوع خلف ظهر ذلك الشيء لأن ما كان من أعلاق الشخص يجعل بين يديه وبمرأى منه وما كان غير ذلك ينبذ وراء الظهر وهذا التخيل شاع عنه هذا الإطلاق بحيث يقال : هو وراء الحد ولو كان مستقبله . ثم توسع فيه فصار بمعنى ( غير ) أو ( ما عدا ) كما هنا أي فمن ابتغوا بفروجهم شيئا غير الأزواج وما ملكت أيمانهم .
وأتي لهم باسم الإشارة في قوله : ( فأولئك هم العادون ) لزيادة تمييزهم بهذه الخصلة الذميمة ليكون وصفهم بالعدوان مشهورا مقررا كقوله تعالى ( وأولئك هم المتقون ) في سورة البقرة . والعادي هو المعتدي أي الظالم لأنه عدا على الأمر .
وتوسيط ضمير الفصل لتقوية الحكم أي هم البالغون غاية العدوان على الحدود الشرعية .
والقول في إعادة الموصول وتقديم المعمول كما مر .
( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون [ 8 ] ) هذه صفة أخرى من جلائل صفات المؤمنين تنحل إلى فضيلتين هما فضيلة أداء الأمانة التي يؤتمنون عليها وفضيلة الوفاء بالعهد .
فالأمانة تكون غالبا من النفائس التي يخشى صاحبها عليها التلف فيجعلها عند من يظن فيه حفظها وفي الغالب يكون ذلك على انفراد بين المؤتمن والأمين فهي لنفاستها قد تغري الأمين عليها بأن لا يردها وبأن يجحدها ربها ولكون دفعها في الغالب عريا عن الإشهاد تبعث محبتها الأمين على التمسك بها وعدم ردها فلذلك جعل الله ردها من شعب الإيمان .
وقد جاء في الحديث عن حذيفة بن اليمان قال " حدثنا رسول الله A أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة " وحدثنا عن رفعها قال : " ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة فيقال : إن في بني فلان رجلا أمينا ويقال للرجل : ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان " اه .
الوكت : سواد يكون في قشر التمر . والمجل : انتفاخ في الجلد الرقيق يكون شبه قشر العنبة ينشأ من مس النار الجلد ومن كثرة العمل باليد وقوله : " مثقال حبة من خردل من إيمان " هو مصدر آمنه أي وما في قرارة نفسه من إيمان الناس إياه فلا يأتمنه إلا مغرور .
وقد تقدم الكلام على الأمانة في قوله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) في سورة النساء .
وجمع ( الأمانات ) باعتبار تعدد أنواعها وتعدد القائمين بالحفظ تنصيصا على العموم