وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والهداية هنا مستعارة للإرشاد إلى الأمور العقلية بتنزيل العقلي منزلة الحسي فيؤول معناها إلى معنى التبيين ولذلك عدي فعلها باللام كما في قوله تعالى ( أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) في سورة الأعراف .
وجملة ( كم أهلكنا قبلهم من القرون ) معلقة فعل ( يهد ) عن العمل في المفعول لوجود اسم الاستفهام بعدها أي ألم يرشدهم إلى جواب ( كم أهلكنا قبلهم ) أي كثرة إهلاكنا القرون . وفاعل ( يهد ) ضمير دل عليه السياق وهو ضمير الجلالة . والمعنى : أفلم يهد الله لهم جواب ( كم أهلكنا ) . ويجوز أن يكون الفاعل مضمون جملة ( كم أهلكنا ) . والمعنى : أفلم يبين لهم هذا السؤال على أن مفعول ( يهد ) محذوف تنزيلا للفعل منزلة اللازم أي يحصل لهم التبيين .
وجملة ( يمشون في مساكنهم ) حال من الضمير المجرور باللام لأن عدم التبيين في تلك الحالة أشد غرابة وأحرى بالتعجيب .
والمراد بالقرون : عاد وثمود . فقد كان العرب يمرون بمساكن عاد في رحلاتهم إلى اليمن ونجران وما جاورها وبمساكن ثمود في رحلاتهم إلى الشام . وقد مر النبي A والمسلمون بديار ثمود في مسيرهم إلى تبوك .
وجملة ( إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) في موضع التعليل للإنكار والتعجيب من حال غفلتهم عن هلاك تلك القرون . فحرف التأكيد للاهتمام بالخبر وللإيذان بالتعليل .
والنهي " بضم النون " والقصر جمع نهية " بضم النون وسكون الهاء " : اسم العقل . وقد يستعمل النهى مفردا بمعنى العقل . وفي هذا تعريض بالذين لم يهتدوا بتلك الآيات بأنهم عديمو العقول كقوله ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) .
( ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى [ 129 ] فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى [ 130 ] ) A E جملة ( ولولا كلمة ) عطف على جملة ( أفلم يهد لهم ) باعتبار ما فيها من التحذير والتهديد والعبرة بالقرون الماضية بأنهم جديرون بأن يحل بهم مثل ما حل بأولئك . فلما كانوا قد غرتهم أنفسهم بتكذيب الوعيد لما رأوا من تأخر نزول العذاب بهم فكانوا يقولون ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) عقب وعيدهم بالتنبيه على ما يزيل غرورهم إن سبب التأخير كلمة سبقت من الله بذلك لحكم يعلمها . وهذا في معنى قوله ( يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون ) .
والكلمة : مستعملة هنا فيما شأنه أن تدل عليه الكلمات اللفظية من المعاني وهو المسمى عند الأشاعرة بالكلام النفسي الراجع إلى علم الله تعالى بما سيبرزه للناس من أمر التكوين أو أمر التشريع أو الوعظ . وتقدم قوله تعالى ( لولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ) في سورة هود .
فالكلمة هنا مراد بها : ما علمه الله من تأجيل حلول العذاب بهم فالله تعالى بحكمته أنظر قريشا فلم يعجل لهم العذاب لأنه أراد أن ينشر الإسلام بمن يؤمن منهم وبذرياتهم . وفي ذلك كرامة للنبي محمد A بتيسير أسباب بقاء شرعه وانتشاره لأنه الشريعة الخاتمة . وخص الله منهم بعذاب السيف والأسر من كانوا أشداء في التكذيب والإعراض حكمة منه تعالى كما قال ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام ) .
واللزم " بكسر اللام " مصدر لازم كالخصام استعمل مصدرا لفعل لزم الثاني لقصد المبالغة في قوة المعنى كأنه حاصل من عدة ناس . ويجوز أن يكون وزن فعال بمعنى فاعل مثل لزاز في قول لبي : .
" منا لزاز كريهة جذامها وسداد في قول العرجي : .
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر أي لكان الإهلاك الشديد لازما لهم .
فانتصب ( لزاما ) على أنه خبر ( كان ) واسمها ضمير راجع إلى الإهلاك المستفاد من ( كم أهلكنا ) أي لكان الإهلاك الذي أهلك مثله من قبلهم من القرون وهو الاستئصال لازما لهم