وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أي بمنزل ضنك أي فيه عسر على نازله . وهو هنا بمعنى عسر الحال من اضطراب البال وتبلبله . والمعنى : أن مجامع همه ومطامح نظره تكون إلى التحيل في إيجاد الأسباب والوسائل لمطالبه فهو متهالك على الازدياد خائف على الانتقاص غير ملتفت إلى الكمالات ولا مأنوس بما يسعى إليه من الفضائل يجعله الله في تلك الحالة وهو لا يشعر وبعضهم يبدو للناس في حالة حسنة ورفاهية عيش ولكن نفسه غير مطمئنة .
وجعل الله عقابه يوم الحشر أن يكون أعمى تمثيلا لحالته الحسية يومئذ بحالته المعنوية في الدنيا وهي حالة عدم النظر في وسائل الهدى والنجاة . وذلك المعنى عنوان على غضب الله عليه وإقصائه عن رحمته ؛ ف ( أعمى ) الأول مجاز ( وأعمى ) الثاني حقيقة .
وجملة ( قال رب لم حشرتني أعمى ) مستأنفة استئنافا ابتدائيا .
وجملة ( قال كذلك أتتك ) الخ... واقعة في طريق المحاورة فلذلك فصلت ولم تعطف .
وفي هذه الآية دليل على أن الله أبلغ الإنسان من يوم نشأته التحذير من الضلال والشرك فكان ذلك مستقرا في الفطرة حتى قال كثير من علماء الإسلام : بأن الإشراك بالله من الأمم التي يكون في الفتر بين الشرائع مستحق صاحبه العقاب وقال جماعة من أهل السنة والمعتزلة قاطبة : أن معرفة الله واجبة بالفعل . ولا شك أن المقصود من ذكرها في القرآن تنبيه المخاطبين بالقرآن إلى الحذر من الإعراض عن ذكر الله وإنذار لهم بعاقبة مثل حالهم .
والإشارة في ( كذلك أتتك آياتنا ) راجعة إلى العمى المضمن في قوله ( لم حشرتني أعمى ) أي مثل ذلك الحال التي تساءلت عن سببها كنت نسيت آياتنا حين أتتك وكنت تعرض عن النظر في الآيات حين تدعى إليه فكذلك الحال كان عقابك عليه جزاء وفاقا .
وقد ظهر من نظم الآية أن فيها ثلاثة احتباكات وأن تقدير الأول : ونحشره يوم القيامة أعمى وننساه أي تقصيه من رحمتنا . وتقدير الثاني والثالث : قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وعميت عنها فكذلك اليوم تنسى وتحشر أعمى .
والنسيان في الموضعين مستعمل كناية أو استعارة في الحرمان من حظوظ الرحمة .
A E وجملة ( وكذلك نجزي من أسرف ) الخ... تذييل يجوز أن تكون من حكاية ما يخاطب الله به من يحشر يوم القيامة أعمى قصد منها التوبيخ له والتنكيل فالواو عاطفة الجملة على التي قبلها . ويجوز أن تكون تذييلا للقصة وليست من الخطاب المخاطب به من يحشر يوم القيامة أعمى قصد منها موعظة السامعين ليحذوا من أن يصيروا إلى مثل ذلك المصير فالواو اعتراضية لأن التذييل اعتراض في آخر الكلام والواو الاعتراضية راجعة إلى الواو العاطفة إلا أنها عاطفة مجموع كلام على مجموع كلام آخر لا على بعض الكلام المعطوف عليه .
والمعنى : ومثل ذلك الجزاء نجزي من أسرف أي كفر ولم يؤمن بآيات ربه .
فالإسراف : الاعتقاد الضال وعدم الإيمان بالآيات ومكابرتها وتكذيبها .
والمشار إليه بقوله ( وكذلك ) هو مضمون قوله ( فإن له معيشة ضنكا ) أي وكذلك نجزي في الدنيا الذين أسرفوا ولم يؤمنوا بالآيات .
وأعقبه بقوله ( ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) وهذا يجوز أن يكون تذييلا للقصة وليس من حكاية خطاب الله للذي حشره يوم القيامة أعمى . فالمراد بعذاب الآخرة مقابل عذاب الدنيا المفاد من قوله ( فإن له معيشة ضنكا ) الآية والواو اعتراضية . ويجوز أن تكون الجملة من حكاية خطاب الله للذي يحشره أعمى فالمراد بعذاب الآخرة العذاب الذي وقع فيه المخاطب أي أشد من عذاب الدنيا وأبقى منه لأنه أطول مدة .
( أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مسكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى [ 128 ] ) تفريع على الوعيد المتقدم في قوله تعالى ( وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ) . جعل الاستفهام الإنكاري التعجيبي مفرعا على الإخبار بالجزاء بالمعيشة الضنك لمن أعرض عن توحيد الله لأنه سبب عليه لا محالة تعجيبا من حال غفلة المخاطبين المشركين عما حل بالأمم المماثلة لهم في الإشراك والإعراض عن كتب الله وآيات الرسل .
فضمائر جمع الغائبين عائدة إلى معروف من مقام التعريض بالتحذير والإنذار بقرينة قوله ( يمشون في مساكنهم ) فإنه لا يصلح إلا أن يكون حالا لقوم أحياء يومئذ