وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فكأن النبي A استحب الزيادة من هذه القصص ذات العبرة رجاء أن قومه يفيقون من ضلالتهم كما أشرنا إليه قريبا عند قوله ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقصى إليك وحيه ) ؛ أعقبت تلك القصة بقصة آدم " عليه السلام " وما عرض له به الشيطان تحقيقا لفائدة قوله ( وقل رب زدني علما ) . فالجملة عطف قصة على قصة والمناسبة ما سمعت .
والكلام معطوف على جملة ( كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق ) . وافتتاح الجملة بحرف التحقيق ولام القسم لمجرد الاهتمام بالقصة تنبيها على قصد التنظير بين القصتين في التفريط في العهد لأن في القصة الأولى تفريط بني إسرائيل في عهد الله كما قال فيها ( ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد ) وفي قضى آدم تفريطا في العهد أيضا . وفي كون ذلك من عمل الشيطان كما قال في القصة الأولى ( وكذلك سولت لي نفسي ) وقال في هذه ( فوسوس إليه الشيطان ) . وفي أن في القصتين نسيانا لما يجب الحفاظ عليه وتذكره فقال في القصة الأولى ( فنسي ) وقال في هذه القصة ( فنسي ولم نجد له عزما ) .
وعليه فقوله ( من قبل ) حذف ما أضيف إليه ( قبل ) . وتقديره : من قبل إرسال موسى أو من قبل ما ذكر فإن بناء ( قبل ) على الضم علامة حذف المضاف إليه ونية معناه . والذي ذكر : إما عهد موسى الذي في قوله تعالى ( وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ) وقوله ( فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى ) ؛ وإما عهد الله لبني إسرائيل الذي ذكرهم به موسى " عليه السلام " لما رجع إليهم غضبان أسفا وهو ما في قوله ( أفطال عليكم العهد ) الآية .
والمراد بالعهد إلى آدم : العهد إليه في الجنة التي أنسي فيها .
والنسيان : أطلق هنا على إهمال العمل بالعهد عمدا كقوله في قصة السامري ( فنسي ) فيكون عصيانا وهو الذي يقتضيه قوله تعالى ( وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) الآية وقد مضت في سورة الأعراف . وهذا العهد هو المبين في الآية بقوله ( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك ) الآية .
والعزم : الجزم بالفعل وعدم التردد فيه وهو مغالبة ما يدعو إليه الخاطر من الانكفاف عنه اعسر عمله أو إيثار ضده عليه . وتقدم قوله تعالى ( وإن عزموا الطلاق ) في سورة البقرة . والمراد هنا : العزم على امتثال الأمر وإلغاء ما يحسن إليه عدم الامتثال قال تعالى ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) وقال ( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ) وهم نوح وإبراهيم وإسماعيل ويعقوب ويوسف وأيوب وموسى وداوود وعيسى " عليهم السلام " .
واستعمل نفي وجدان العزم عند آدم في معنى عدم وجود العزم من صفته فيما عهد إليه تمثيلا لحال طلب حصوله عنده بحال الباحث على عزمه فلم يجده عنده بعد البحث .
( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى [ 116 [ ) A E هذا بيان لجملة ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل ) إلى آخرها فكان مقتضى الظاهر أن لا يكون معطوفا بالواو بل أن يكون مفصولا فوقوع هذه الجملة معطوفة اهتمام بها لتكون قصة مستقلة فتلفت إليها أذهان السامعين فتكون الواو عاطفة قصة آدم على قصة موسى عطفا على قوله ( وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا ) ويكون التقدير : واذكر إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم وتكون جملة ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل ) تذييلا لقصة هارون مع السامري وقوله ( من قبل ) أي من قبل هارون . والمعنى : أن هارون لم يكن له عزم في الحفاظ على ما عهد إليه موسى وانتهت القصة بذلك التذييل ثم عطف على قصة موسى قصة آدم تبعا لقوله ( كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق ) .
( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك ) قصة خلق آدم وسجود الملائكة له وإباء الشيطان من السجود تقدمت في سورة البقرة وسورة الأعراف فلنقتصر على بيان ما اختصت به هاته السورة من الأفانين والتراكيب .
فقوله ( إن هذا ) إشارة إلى الشيطان إشارة مرادا منها التحقير كما حكى الله في سورة الأنبياء من قول المشركين ( أهذا الذي يذكر آلهتكم ) وفي سورة الأعراف ( إن الشيطان لكما عدو ) عبر عنه باسمه