وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والتفريع مؤذن بأن ذلك الإنزال والتصريف ووسائل الإصلاح كل ذلك ناشئ عن جميل آثار يشعر جميعها بعلوه وعظمته وأنه الملك الحق المدبر لأمور مملوكاته على أتم وجوه الكمال وأنفذ طرق السياسة .
وفي وصفه بالحق إيماء إلى أن ملك غيره من المتسمين بالملوك لا يخلو من نقص كما قال تعالى ( الملك يومئذ الحق للرحمن ) . وفي الحديث : " فيقول الله أنا الملك أين ملوك الأرض " أي أحضروهم هل تجدون منهم من ينازع في ذلك كقول الخليفة معاوية حين خطب في المدينة " يا أهل المدينة أين علماؤكم " .
والجمع بين اسم الجلالة واسمه ( الملك ) إشارة إلى أن إعظامه وإجلاله مستحقان لذاته بالاسم الجامع لصفات الكمال وهو الدال على انحصار الإلهية وكمالها .
ثم أتبع ب ( الحق ) للإشارة إلى أن تصرفاته واضحة الدلالة على أن ملكه ملك حق لا تصرف فيه إلا بما هو مقتضي الحكمة .
والحق : الذي ليس في ملكه شائبة عجز ولا خضوع لغيره . وفيه تعريض بأن ملك غيره زائف .
وفي تفريع ذلك على إنزال القرآن إشارة أيضا إلى أن القرآن قانون ذلك الملك وأن ما جاء به هو السياسة الكاملة الضامنة صلاح أحوال متبعيه في الدنيا والآخرة .
وجملة ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) ناشئة على ما تقدم من التنويه بالقرآن وما اشتمل عليه من تصاريف إصلاح الناس . فلما كان النبي A حريصا على صلاح الأمة شديد الاهتمام بنجاتهم لا جرم خطرت بقلبه الشريف عقب سماع تلك الآيات رغبة أو طلبة في الإكثار من نزول القرآن وفي التعجيل به إسراعا بعظة الناس وصلاحهم فعلمه الله أن يكل الأمر إليه فإنه أعلم بحيث يناسب حال الأمة العام .
ومعنى ( من قبل أن يقضى إليك وحيه ) أي من قبل أن يتم وحي ما قضي وحيه إليك أي ما نفذ إنزاله فإنه هو المناسب فالمنهي عنه هو سؤال التعجيل أو الرغبة الشديدة في النفس التي تشبه الاستبطاء لا مطلق مودة الازدياد فقد قال النبي A في شأن قصة موسى مع الخضر " عليه السلام " ( وددنا أن موسى صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما أو من خبرهما ) .
ويجوز أن يكون معنى العجلة بالقرآن العجلة بقراءته حال إلقاء جبريل آياته . فعن ابن عباس : كان النبي يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ جبريل حرصا على الحفظ وخشية من النسيان فأنزل الله ( ولا تعجل بالقرآن ) الآية . وهذا كما قال ابن عباس في قوله تعالى ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) كما في صحيح البخاري . وعلى هذين التأويلين يكون المراد بقضاء وحيه إتمامه وانتهاؤه أي انتهاء المقدار الذي هو بصدد النزول .
وعن مجاهد وقتادة أن معناه : لا تعجل بقراءة ما أنزل إليك لأصحابك ولا تمله عليهم حتى تتبين لك معانيه . وعلى هذا التأويل يكون قضاء الوحي تمام معانيه . وعلى كلا التفسيرين يجري اعتبار موقع قوله ( وقل رب زدني علما ) .
A E وقرأ الجمهور ( يقضى ) بتحتية في أوله مبنيا للنائب ورفع ( وحيه ) على أنه نائب الفاعل, وقرأ يعقوب " بنون العظمة وكسر الضاد وبفتحة على آخر ( نقضي ) وبنصب ( وحيه ) .
وعطف جملة ( وقل رب زدني علما ) يسير إلى أن المنهي عنه استعجال مخصوص وأن الباعث على الاستعجال محمود . وفيه تلطف مع النبي A ؛ إذ أتبع نهيه عن التعجل الذي يرغبه بالإذن له بسؤال الزيادة من العلم فإن ذلك مجمع كل زيادة سواء كانت بإنزال القرآن أم بغيره من الوحي والإلهام إلى الاجتهاد تشريعا وفهما إيماء إلى أن رغبته في التعجل رغبة صالحة " كقول النبي A لأبي بكر حين دخل المسجد فوجد النبي راكعا فلم يلبث أن يصل إلى الصف بل ركع ودب إلى الصف راكعا فقال له : زادك الله حرصا ولا تعد " .
( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما [ 115 ] ) لما كانت قصة موسى " عليه السلام " مع فرعون ومع قومه ذات عبرة للمكذبين والمعاندين الذين كذبوا النبي A وعاندوه وذلك المقصود من قصصها كما أشرنا إليه آنفا عند قوله ( كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا )