وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله في الجواب ( يا ابن أم ) نداء لقصد الترقيق والاستشفاع . وهو مؤذن بأن موسى حين وبخه أخذ بشعر لحية هارون . ويشعر بأنه يجذبه إليه ليلطمه وقد صرح به في الأعراف بقوله تعالى ( وأخذ برأس أخيه يجره إليه ) .
وقرأ الجمهور ( يا ابن أم ) " بفتح الميم " . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف " بكسر الميم " وأصله : يا ابن أمي فحذفت ياء المتكلم تخفيفا وهو حذف مخصوص بالنداء . والقراءتان وجهان في حذف ياء المتكلم المضاف إليها لفظ أم ولفظ ( عم ) في النداء .
وعطف الرأس على اللحية لأن أخذه من لحيته أشد ألما وأنكى في الإذلال .
وابن الأم : الأخ . وعدل عن ( يا أخي ) إلى ( ابن أم ) لأن ذكر الأم تذكير بأقوى أواصر الأخوة وهي آصرة الولادة من بطن واحد والرضاع من لبان واحد .
واللحية " بكسر اللام " " ويجوز " فتح اللام في لغة الحجاز : اسم للشعر النابت بالوجه على موضع اللحيين والذقن وقد أجمع القراء على " كسر اللام " من ( لحيتي ) .
واعتذر هارون عن بقائه بين القوم بقوله ( إني خشيت أن تقول فرقت ) أي أن تظن ذلك بي فتقوله لوما وتحميلا لتبعة الفرقة التي ظن أنها واقعة لا محالة إذا أظهر هارون غضبه عليهم لأنه يستتبعه طائفة من الثابتين على الإيمان ويخالفهم الجمهور فيقع انشقاق بين القوم وربما اقتتلوا فرأى من المصلحة يظهر الرضى عن فعلهم ليهدأ الجمهور ويصبر المؤمنون اقتداء بهارون . ورأى في سلوك هذه السياسة تحقيقا لقول موسى له ( وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) في سورة الأعراف . وهو الذي أشار إليه هنا بقوله ( ولم ترقب قولي ) . فهو من جملة حكاية قول موسى الذي قدره هارون في ظنه .
A E وهذا اجتهاد منه في سياسة الأمة إذ تعارضت عنده مصلحتان مصلحة حفظ العقيدة ومصلحة حفظ الجامعة من الهرج . وفي أثنائها حفظ الأنفس والأموال والأخوة بين الأمة فرجح الثانية . وإنما رجحها لأنه رآها أدوم فإن مصلحة حفظ العقيدة يستدرك فواتها الوقتي برجوع موسى وإبطاله عبادة العجل حيث غيوا عكوفهم على العجل برجوع موسى . بخلاف مصلحة حفظ الأنفس والأموال واجتماع الكلمة إذا انثلمت عسر تداركها .
وتضمن هذا قوله ( إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) . وكان اجتهاده ذلك مرجوحا لأن حفظ الأصل الأصيل للشريعة أهم من حفظ الأصول المتفرعة عليه . لأن مصلحة صلاح الاعتقاد هي أم المصالح التي بها صلاح الاجتماع . كما بيناه في كتاب أصول نظام الاجتماع الإسلامي . ولذلك لم يكن موسى خافيا عليه أن هارون كان من واجبه أن يتركهم وضلالهم وأن يلتحق بأخيه مع علمه بما يفضي إلى ذلك من الاختلاف بينهم فإن حرمة الشريعة بحفظ أصولها وعدم التساهل فيها .
وبحرمة الشريعة يبقى نفوذها في الأمة والعمل بها كما بينته في كتاب مقاصد الشريعة .
وفي قوله تعالى ( بين بني ) جناس وطرد وعكس .
وهذا بعض ما اعتذر به هارون وحكي عنه في سورة الأعراف أنه اعتذر بقوله ( إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) .
( قال فما خطبك يا سامري [ 95 ] قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي [ 96 ] ) التفت موسى بتوجيه الخطاب إلى السامري الذي كان سببا في إضلال القوم فالجملة ناشئة عن قول القوم ( فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا ) الخ فهي ابتداء خطاب . ولعل موسى لم يغلظ له القول كما أغلظ لهارون لأنه كان جاهلا بالدين فلم يكن في ضلاله عجب . ولعل هذا يؤيد ما قيل : إن السامري لم يكن من بني إسرائيل ولكنه كان من القبط أو من كرمان فاندس في بني إسرائيل . ولما كان موسى مبعوثا لبني إسرائيل خاصة ولفرعون وملئه لأجل إطلاق بني إسرائيل كان اتباع غير الإسرائيليين لشريعة موسى أمرا غير واجب على غير الإسرائيليين ولكنه مرغب فيه لما فيه من الاهتداء فلذلك لم يعنفه موسى لأن الأجدر بالتعنيف هم القوم الذين عاهدوا الله على الشريعة .
ومعنى ( ما خطبك ) ما طلبك أي ماذا تخطب أي تطلب فهو مصدر . قال ابن عطية : " وهي كلمة أكثر ما تستعمل في المكاره لأن الخطب هو الشأن المكروه . كقوله تعالى ( فما خطبكم أيها المرسلون ) فالمعنى : ما هي مصيبتك التي أصبت بها القوم وما غرضك مما فعلت