وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واللام لام القسم والنون لتوكيده . وقصد فرعون من مقابلة عمل موسى بمثله أن يزيل ما يخالج نفوس الناس من تصديق موسى وكونه على الحق لعل ذلك يفضي بهم إلى الثورة على فرعون وإزالته من ملك مصر .
A E وفرع على ذلك طلب تعيين موعد بينه وبين موسى ليحضر له فيه القائمين بسحر مثل سحره .
والموعد هنا يجوز أن يراد به المصدر الميمي أي الوعد وأن يراد به مكان الوعد وهذا إيجاز في الكلام .
وقوله ( مكانا ) بدل اشتمال من ( موعدا ) بأحد معنييه لأن الفعل يقتضي مكانا وزمانا فأبدل منه مكانه .
وقوله ( لا نخلفه ) في قراءة الجمهور برفع الفعل صفة ل ( موعدا ) باعتبار معناه المصدري . وقرأه أبو جعفر بجزم الفاء من ( نخلفه ) على أن ( لا ) ناهية . والنهي تحذير من إخلافه .
و ( سوى ) قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي " بكسر السين " . وقرأه عاصم وحمزة وابن عامر ويعقوب وخلف " بضم السين " وهما لغتان . فالكسر بوزن فعل قال أبو علي : وزن فعل يقل في الصفات نحو : قوم عدى . وقال أبو عبيده وأبو حاتم والنحاس : كسر السين هو اللغة العالية الفصيحة وهو اسم وصف مشتق من الاستواء : فيجوز أن يكون الاستواء استواء التوسط بين جهتين . وأنشد أبو عبيده لموسى بن جابر الحنفي : .
وإن أبانا كان حل ببلدة ... سوى بين قيس قيس عيلان والفزر " الفزر : لقب لسعد بن زيد مناة بن تميم هو بكسر الفاء " .
والمعنى : قال مجاهد : إنه مكان نصف وكأن المراد أنه نصف من المدينة لئلا يشق الحضور فيه على أهل أطراف المدينة . وعن ابن زيد : المعنى مكانا مستويا أي ليس فيه مرتفعات تحجب العين أراد مكانا منكشفا للناظرين ليشهدوا أعمال موسى وأعمال السحرة .
ثم تعيين الموعد غير المخلف يقتضي زمانه لا محالة إذ لا يتصور الإخلاف إلا إذا كان الوعد وقت معين ومكان معين فمن ثم طابقه جواب موسى بقوله ( موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ) .
فيقتضي أن محشر الناس في يوم الزينة كان مكانا معروفا . ولعله كان بساحة قصر فرعون لأنهم يجتمعون بزينتهم ولهوهم بمرأى منه ومن أهله على عادة الملوك في المواسم .
فقوله ( يوم الزينة ) تعيين للوقت وقوله ( وأن يحشر الناس ) تعيين للمكان وقوله ( ضحى ) تقييد لمطلق الوقت .
والضحى : وقت ابتداء حرارة الشمس بعد طلوعها .
ويوم الزينة كان يوم عيد عظيم عند القبط وهو يوم كسر الخليج أو الخلجان وهي المنافذ والترع المجعولة على النيل لإرسال الزائد من مياهه إلى الأرضين البعيدة عن مجراه للشقي فتنطلق المياه في جميع النواحي التي يمكن وصولها إليها ويزرعون عليها .
وزيادة المياه في النيل هو توقيت السنة القبطية وذلك هو أول يوم من شهر ( توت ) القبطي . وهو ( أيلول ) بحسب التاريخ الاسكندري وذلك قبل حلول الشمس في برج الميزان بثمانية عشر يوما أي قبل فصل الخريف بثمانية عشر يوما فهو يوافق اليوم الخامس عشر من شهر تشرين ( سبتمبر ) . وأول أيام شهر ( توت ) هو يوم النيروز عند الفرس وذلك مبني على حساب انتهاء زيادة النيل لا على حساب بروج الشمس .
واختار موسى هذا الوقت وهذا المكان لأنه يعلم أن سيكون الفلج له فأحب أن يكون ذلك في وقت أكثر مشاهدا وأوضح رؤية .
( فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى [ 60 ] قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى [ 61 ] ) تفريع التولي وجمع الكيد على تعيين موسى للموعد إشارة إلى أن فرعون بادر بالاستعداد لهذا الموعد ولم يضع الوقت للتهيئة له .
والتولي : الانصراف وهو هنا مستعمل في حقيقة أي انصرف عن ذلك المجلس إلى حيث يرسل الرسل إلى المدائن لجمع من عرفوا بعلم السحر وهذا كقوله تعالى في سورة النازعات ( ثم أدبر يسعى فحشر فنادى ) .
ومعنى جمع الكيد : تدبير أسلوب مناظرة موسى وإعداد الحيل لإظهار غلبة السحرة عليه وإقناع الحاضرين بأن موسى ليس على شيء .
وهذا أسلوب قديم في المناظرات : أن يسعى المناظر جهده للتشهير ببطلان حجة خصمه بكل وسائل التلبيس والتشنيع والتشهير ومباداته بما يفت في عضده ويشوش رأيه حتى يذهب منه تدبيره