وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفعل ( رعى ) يستعمل قاصرا ومتعديا . يقال : رعت الدابة ورعاها صاحبها . وفرق بينهما في المصدر فمصدر القاصر : الرعي ومصدر المتعدي : الرعاية . ومنه قول النابغة : رأيتك ترعاني بعين بصيرة والجملة الثالثة ( إن في ذلك لآيات لأولي النهي ) معترضة مؤكدة للاستدلال ؛ فبعد أن أشير إلى ما في المخلوقات المذكورة آنفا من الدلالة على وجود الصانع ووحدانيته والمنة بها على الإنسان لمن تأمل جمعت في هذه الجملة وصرح بما في جميعها من الآيات الكثيرة . وكل من الاعتراض والتوكيد مقتض لفصل الجملة .
وتأكيد الخبر بحرف ( إن ) لتنزيل المخاطبين منزلة المنكرين لأنهم لم ينظروا في دلالة تلك المخلوقات على وحدانية الله وهم يحسبون أنفسهم من أولي النهي فما كان عدم اهتدائهم بتلك الآيات إلا لأنهم لم يعدوها آيات .
لا جرم أن ذلك المذكور مشتمل على آيات جمة يتفطن لها ذوو العقول بالتأمل والتفكر وينتبهون لها بالتذكير .
والنهى : اسم جمع نهية " بضم النون وسكون الهاء " أي العقل سمي نهية لأنه سبب انتهاء المتحلي به عن كثير من الأعمال المفسدة والمهلكة ولذلك أيضا سمي بالعقل وسمي بالحجر .
( منها خلقنكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى [ 55 ] ) مستأنفة استئنافا ابتدائيا . وهذا إدماج للتذكير بالخلق الأول ليكون دليلا على إمكان الخلق الثاني بعد الموت . والمناسبة متمكنة ؛ فإن ذكر خلق الأرض ومنافعها يستدعي إكمال ذكر المهم للناس من أحوالها فكان خلق أصل الإنسان من الأرض شبيها بخروج النبات منها . وإخراج الناس إلى الحشر شبيه بإخراج النبات من الأرض . قال تعالى ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ) .
وتقديم المجرورات الثلاثة على متعلقاتها ؛ فأما المجرور الأول والمجرور الثالث فللاهتمام بكون الأرض مبدأ الخلق الأول والخلق الثاني . وأما تقديم ( وفيها نعيدكم ) فللمزاوجة مع نظيريه .
ودل قوله تعالى ( وفيها نعيدكم ) على أن دفن الأموات في الأرض هو الطريقة الشرعية لمواراة الموتى سواء كان شقا في الأرض أو لحدا لأن كليهما إعادة في الأرض ؛ فما يأتيه بعض الأمم غير المتدينة من إحراق الموتى بالنار أو إغراقهم في الماء أو وضعهم في صناديق فوق الأرض فذلك مخالف لسنة الله وفطرته لأن الفطرة اقتضت أن الميت يسقط على الأرض فيجب أن يوارى فيها . وكذلك كانت أول مواراة في البشر حين قتل أحد ابني آدم أخاه . كما قال تعالى في سورة العقود ( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي ) فجاءت الشرائع الإلهية بوجوب الدفن في الأرض .
والتارة : المرة وجمعها تارات . وأصل ألفها الواو . وقال ابن الأعرابي : أصل ألفها همزة فلما كثر استعمالهم لها تركوا الهمزة . وقال بعضهم : ظهر الهمز في جمعها على فعل فقالوا : تئر بالهمز . ويظهر أنها اسم جامد ليس له أصل مشتق منه .
والإخراج : هو إخراجها إلى الحشر بعد إعادة هياكل الأجسام في داخل الأرض كما هو ظاهر قوله ( ومنها نخرجكم ) ولذلك جعل الإخراج تارة ثانية للخلق الأول من الأرض . وفيه إيماء إلى أن إخراج الأجساد من الأرض بإعادة خلقها كما خلقت في المرة الأولى قال تعالى ( كما بدأنا أول خلق نعيده ) .
( ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى [ 56 ] ) رجوع إلى قصص موسى " عليه السلام " مع فرعون . وهذه الجملة بين الجمل التي حكت محاورة موسى وفرعون وقعت هذه كالمقدمة لإعادة سوق ما جرى بين موسى وفرعون من المحاورة . فيجوز أن تكون الجملة معطوفة على جملة ( قال فمن ربكما يا موسى ) باعتبار ما يقدر قبل المعطوف عليها من كلام حذف اختصارا تقديره : فأتياه فقالا ما أمرناهما أن يقولاه قال فمن ربكما الخ . المعنى : فأتياه وقالا ما أمرناهما وأريناه آياتنا كلها على يد موسى " عليه السلام " .
ويجوز أن تكون الجملة معترضة بين ما قبلها والواو اعتراضية .
وتأكيد الكلام بلام القسم و ( قد ) مستعمل في التعجيب من تصلب فرعون في عناده وقصد منها بيان شدته في كفره وبيان أن لموسى آيات كثيرة أظهرها الله لفرعون فلم تجد في إيمانه .
A E