وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وسلك ) فعل مشتق من السلوك والسلك الذي هو الدخول مجتازا وقاطعا في السير في الطريق تشبيها للسائر بالشيء الداخل في شيء آخر . يقال : سلك طريقا . فحق هذا الفعل أن يتعدى إلى مفعول واحد وهو المدخول فيه ويستعمل متعديا بمعنى أسلك . وحقه أن يكون تعديه بهمزة التعدية فيقال : أسلك المسمار في اللوح أي جعله سالكا إياه إلا أنه كثر في الكلام تجريده من الهمزة كقوله تعالى ( نسلكه عذابا صعدا ) . وكثر كون الاسم الذي كان مفعولا ثانيا يصير مجرورا ب ( في ) كقوله تعالى ( ما سلككم في سقر ) بمعنى أسلككم سقر . وقوله ( كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ) في سورة الشعراء . وقوله ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ) في سورة الزمر . وقال الأعشى : .
" كما سلك السكي في الباب فيتق أي أدخل المسمار في الباب نجار فصار فعل سلك يستعمل قاصرا ومتعديا .
فأما قوله هنا ( وسلك لكم فيها سبلا ) فهو سلك المتعدي أي أسلك فيها سبلا أي جعل سبلا سالكة في الأرض أي داخلة فيها أي متخللة . وذلك كناية عن كثرتها في جهات الأرض .
والمراد بالسبل : كل سبيل يمكن السير فيه سواء كان من أصل خلقة الأرض كالسهول والرمال أو كان من أثر فعل الناس مثل الثنايا التي تكرر السير فيها فتعبدت وصارت طرقا يتابع الناس السير فيها .
ولما ذكر منة خلق الأرض شفعها بمنة إخراج النبات منها بما ينزل عليها من السماء من ماء . وتلك منة تنبئ عن خلق السماوات حيث أجرى ذكرها لقصد ذلك التذكير ولذا لم يقل : وصببنا الماء على الأرض كما في آية ( إنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا ) . وهذا إدماج بليغ .
والعدول عن ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم في قوله ( فأخرجنا ) التفات . وحسنه هنا أنه بعد أن حج المشركين بحجة انفراده بخلق الأرض وتسخير السماء مما لا سبيل بهم إلى نكرانه ارتقى إلى صيغة المتكلم المطاع فإن الذي خلق الأرض وسخر السماء حقيق بأن تطيعه القوى والعناصر فهو يخرج النبات من الأرض بسبب ماء السماء فكان تسخير النبات أثرا لتسخير أصل تكوينه من ماء السماء وتراب الأرض .
ولملاحظة هذه النكتة تكرر في القرآن مثل هذا الالتفات عند ذكر الإنبات كما في قوله تعالى ( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء ) وقوله ( ألم نر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ) وقوله ( أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ) ومنها قوله في سورة الزخرف ( والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا ) .
وقد نبه إلى ذلك في الكشاف ولله دره . ونظائره كثيرة في القرآن .
والأزواج : جمع زوج . وحقيقة الزوج أنه اسم لكل فرد من اثنين من صنف واحد . فكل أحد منهما هو زوج باعتبار الآخر لأنه يصير بسبق الفرد الأول إياه زوجا . ثم غلب على الذكر والأنثى المقترنين من نوع الإنسان أو من الحيوان قال تعالى ( فاسلك فيها من كل زوجين اثنين ) وقال ( فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) وقال ( اسكن أنت وزوجك الجنة ) . ولما شاعت فيه ملاحظة معنى اتحاد النوع تطرقوا من ذلك إلى استعمال لفظ الزوج في معنى النوع بغير قيد كونه ثانيا لآخر على طريقة المجاز المرسل بعلاقة الإطلاق قال تعالى ( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) ومنه قوله ( فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) . وفي الحديث " من أنفق زوجين في سبيل الله ابتدرته حجبة الجنة... " الحديث أي من أنفق نوعين مثل الطعام والكسوة ومثل الخيل والرواحل . وهذا الإطلاق هو المراد هنا . أي فأنبتنا به أنواعا من نبات . وتقدم في سورة الرعد .
والنبات : مصدر سمي به النابت فلكونه مصدرا في الأصل استوى فيه الواحد والجمع .
وشتى : جمع شتيت بوزن فعلى مثل : مريض ومرضي .
والشتيت : المشتت أي المبعد . وأريد به هنا التباعد في الصفات من الشكل واللون والطعم وبعضها صالح للإنسان وبعضها للحيوان .
والجملة الثانية ( كلوا وارعوا أنعامكم ) مقول قول محذوف هو حال من ضمير ( فأخرجنا ) . والتقدير : قائلين : كلوا وارعوا أنعامكم . والأمر للإباحة مراد به المنة . والتقدير : كلوا منها وارعوا أنعامكم منها . وهذا من مقابلة الجمع بالجمع لقصد التوزيع .
A E