وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن يكون المعنى أن فرعون أراد التشغيب على موسى حين نهضت حجته بأن ينقله إلى الحديث عن حال القرون الأولى : هل هم في عذاب بمناسبة قول موسى ( أن العذاب على من كذب وتولى ) فإذا قال : إنهم في عذاب ثارت ثائرة أبنائهم فصاروا أعداء لموسى وإذا قال : هم في سلام نهضت حجة فرعون لأنه متابع لدينهم . ولأن موسى لما أعلمه بربه وكان ذلك مشعرا بالخلق الأول خطر ببال فرعون أن يسأله عن الاعتقاد في مصير الناس بعد الفناء فسأل : ما بال القرون الأولى ؟ وما شأنهم وما الخبر عنهم ؟ وهو سؤال تعجيز وتشغيب .
وقول موسى في جوابه ( علمها عند ربي في كتاب ) صالح للاحتمالين فعلى الاحتمال الأول يكون موسى صرفه عن الخوض فيما لا يجدي في مقامه ذلك الذي هو المتمحض لدعوة الأحياء لا البحث عن الأموات الذين أفضوا إلى عالم الجزاء . وهذا نظير قول النبي A لما سئل عن ذراري المشركين فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
وعلى الاحتمال الثاني يكون موسى قد عدل عن ذكر حالهم خيبة لمراد فرعون وعدولا عن الاشتغال بغير الغرض الذي جاء لأجله .
والحاصل أن موسى تجنب التصدي للمجادلة والمناقضة في غير ما جاء لأجله لأنه لم يبعث بذلك . وفي هذا الإعراض فوائد كثيرة وهو عالم بمجمل أحوال القرون الأولى وغير عالم بتفاصيل أحوالهم وأحوال أشخاصهم .
وإضافة ( علمها ) من إضافة المصدر إلى مفعوله . وضمير ( علمها ) عائد إلى " القرون الأولى " لأن لفظ الجمع يجوز أن يؤنث ضميره .
وقوله ( في كتاب ) يحتمل أن يكون الكتاب مجازا في تفصيل العلم تشبيها له بالأمور المكتوبة وأن يكون كناية عن تحقيق العلم لأن الأشياء المكتوبة تكون محققة كقول الحارث بن حلزة : .
" وهل ينقض ما في المهارق الأهواء ويؤكد هذا المعنى قوله ( لا يضل ربي ولا ينسى ) والضلال : الخطأ في العلم شبه بخطأ الطريق . والنسيان : عدم تذكر الأمر المعلوم في ذهن العالم .
( الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى [ 53 ] كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى [ 54 ] ) هذه جمل ثلاث معترضة في أثناء قصة موسى .
فالجملة الأولى منها مستأنفة ابتدائية على عادة القرآن من تفنن لأغراض لتجديد نشاط الأذهان . ولا يحتمل أن تكون من كلام موسى إذ لا يناسب ذلك تفريع قوله ( فأخرجنا به أزواجا ) . فقوله ( الذي جعل لكم الأرض مهادا ) خبر لمبتدأ محذوف أي هو الذي جعل لكم الأرض مهادا والضمير عائد إلى الرب المفهوم من ( ربي ) أي هو رب موسى .
وتعريف جزأي الجملة يفيد الحصر أي الجاعل الأرض مهادا فكيف تعبدون غيره . وهذا قصر حقيقي غير مقصود به الرد على المشركين ولكنه تذكير بالنعمة وتعريض بأن غيره ليس حقيقا بالإلهية .
وقرأ الجمهور ( مهادا ) " بكسر الميم " وهو اسم بمعنى الممهود مثل الفراش واللباس . ويجوز أن يكون جمع مهد وهو اسم لما يمهد للصبي أي يوضع عليه ويحمل فيه فيكون بوزن كعاب جمعا لكعب . ومعنى الجمع على اعتبار كثرة البقاع .
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف ( مهدا ) " بفتح الميم وسكون الهاء " أي كالمهد الذي يمهد للصبي وهو اسم بمصدر مهده على أن المصدر بمعنى المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ثم شاع ذلك فصار اسما لما يمهد .
ومعنى القراءتين واحد أي جعل الأرض ممهوه مسهلة للسير والجلوس والاضطجاع بحيث لا نتوء فيها ألا نادرا يمكن تجنبه كقوله ( والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا ) A E