وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين [ 56 ] ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون [ 57 ] ) تقدم تفسير آية ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ) آنفا .
والتبوؤ : اتخاذ مكان للبوء أي الرجوع فمعنى التبوؤ النزول والإقامة . وتقدم في قوله تعالى ( أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا ) في سورة يونس .
وقوله ( تبوأ منها حيث يشاء ) كناية عن تصرفه في جميع مملكة مصر فهو عند حلوله بمكان من المملكة لو شاء أن يحل بغيره لفعل فجملة ( يتبوأ ) يجوز أن تكون حالا من " يوسف " ويجوز أن تكون بيانا لجملة ( مكنا ليوسف في الأرض ) .
وقرأ الجمهور ( حيث يشاء ) " بياء الغيبة " وقرأ ابن كثير ( حيث نشاء ) " بنون العظمة " أي حيث يشاء الله أي حيث نأمره أو نلهه . والمعنى متحد لأنه لا يشاء إلا ما شاءه الله .
وجملة ( نصيب برحمتنا من نشاء ) إلى آخرها تذييل لمناسبة عمومه لخصوص ما أصاب يوسف " عليه السلام " من الرحمة في أحواله في الدنيا وما كان له من مواقف الإحسان التي كان ما أعطيه من النعم وشرف المنزلة جزاء لها في الدنيا لأن الله لا يضيع أجر المحسنين . ولأجره في الآخرة خير من ذلك له ولكل من آمن واتقى .
والتعبير في جانب الإيمان بصيغة الماضي وفي جانب التقوى بصيغة المضارع لأن الإيمان عقد القلب الجازم فهو حاصل دفعة واحدة وأما التقوى فهي متجددة بتجدد أسباب الأمر والنهي واختلاف الأعمال والأزمان .
( وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون [ 58 ] ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أ في الكيل وأنا خير المنزلين [ 59 ] فإن لم تأتونني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون [ 60 ] ) A E طوى القرآن أخره أمر امرأة العزيز وحلول سني الخصب والادخار ثم اعتراء سني القحط لقلة جدوى ذلك كله في الغرض الذي نزلت السورة لأجله وهو إظهار ما يلقاه الأنبياء من ذويهم وكيف تكون لهم عاقبة النصر والحسنى ولأنه معلوم حصوله ولذلك انتقلت القصة إلى ما فيها من مصير إخوة يوسف " عليه السلام " في حاجة إلى نعمته ومن جمع الله بينه وبين أخيه الذي يحبه ثم بينه وبين أبويه ثم مظاهر عفوه عن إخوته وصلته رحمه لأن لذلك كله أثرا في معرفة فضائله .
وكان مجيء إخوة يوسف " عليه السلام " إلى مصر للميرة عند حلول القحط بأرض مصر وما جاورها من بلاد فلسطين منازل آل يوسف " عليه السلام " وكان مجيئهم في السنة الثالثة من سني القحط . وإنما جاء إخوته عدا بنيامين لصغره وإنما رحلوا للميرة كلهم لعل ذلك لأن التزويد من الطعام كان بتقدير يراعي فيه عدد الممتارين وأيضا ليكونوا جماعة لا يطمع فيهم قطاع الطريق وكان الذين جاءوا عشرة . وقد عرف أنهم جاءوا ممتارين من تقدم قوله ( قال اجعلني على خزائن الأرض ) وقوله الآتي ( ألا ترون أني أوفي الكيل ) .
ودخولهم عليه يدل على أنه كان يراقب أمر بيع الطعام بحضوره ويأذن به في مجلسه خشية إضاعة الأقوات لأن بها حياة الأمة .
وعرف يوسف " عليه السلام " إخوته بعد مضي سنين على فراقهم لقوة فراسته وزكانه عقله دونهم .
وجملة ( وهم له منكرون ) عطف على جملة ( فعرفهم ) . ووقع الإخبار عنهم بالجملة الاسمية للدلالة على أن عدم معرفتهم به أمر ثابت متمكن منهم وكان الإخبار عن معرفته إياهم بالجملة الفعلية المفيدة للتجدد للدلالة على أن معرفته إياهم حصلت بحدثان رؤيته إياهم دون توسم وتأمل . وقرن مفعول ( منكرون ) الذي هو ضمير يوسف " عليه السلام " بلام التقوية ولم يقل وهم منكرون لزيادة تقوية جهلهم بمعرفته .
وتقديم المجرور بلام التقوية في ( له منكرون ) للرعاية على الفاصلة وللاهتمام بتعلق نكرتهم إياه للتنبيه على أن ذلك من صنع الله تعالى وإلا فإن شمائل يوسف " عليه السلام " ليست مما شأنه أن يجهل وينسى .
والجهاز " بفتح الجيم وكسرها " ما يحتاج إليه المسافر وأوله ما سافر لأجله من الأحمال . والتجهيز : إعطاء الجهاز