وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإنشاء من الأرض خلق آدم من الأرض لأن إنشاءه إنشاء لنسله وإنما ذكر تعلق خلقهم بالأرض لأنهم كانوا أهل غرس وزرع كما قال في سورة الشعراء ( أتتركون فيما هاهنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم ) ولأنهم كانوا ينحتون من جبال الأرض بيوتا ويبنون في الأرض قصورا كما قال في الآية الأخرى ( وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا ) فكانت لهم منافع من الأرض تناسب نعمة إنشائهم من الأرض فلأجل منافعهم في الأرض قيدت نعمة الخلق بأنها من الأرض التي أنشئوا منها ولذلك عطف عليه ( واستعمركم فيها ) .
والاستعمار : الإعمار أي جعلكم عامرينها فالسين والتاء للمبالغة كالتي في استبقى واستفاق . ومعنى الإعمار أنهم جعلوا الأرض عامرة بالبناء والغرس والزرع لأن ذلك يعد تعميرا للأرض حتى سمي الحرث عمارة لأن المقصود منه عمر الأرض .
وفرع على التذكير بهذه النعم أمرهم باستغفاره والتوبة إليه أي طلب مغفرة إجرامهم والإقلاع عما لا يرضاه من الشرك والفساد . ومن تفنن الأسلوب أن جعلت هذه النعم علة لأمرهم بعبادة الله وحده بطريق جملة التعليل وجعلت علة أيضا للأمر بالاستغفار والتوبة بطريق التفريع .
وعطف الأمر بالتوبة بحرف التراخي للوجه المتقدم في قوله ( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) في الآية المتقدمة .
وجملة ( إن ربي قريب مجيب ) استئناف بياني كأنهم استعظموا أن يكون جرمهم مما يقبل الاستغفار عنه فأجيبوا بأن الله قريب مجيب وبذلك ظهر أن الجملة ليست بتعليل . وحرف ( إن ) فيها للتأكيد تنزيلا لهم في تعظيم جرمهم منزلة من يشك في قبول استغفاره .
والقرب : هنا مستعار للرأفة والإكرام لأن البعد يستعار للجفاء والإعراض . قال جبير بن الأضبط .
تباعد عني مطحل إذ دعوته ... أمين فزاد الله ما بيننا بعدا فكذلك يستعار ضده لضده . وتقدم في قوله ( فإني قريب أجيب دعوة الداعي ) في سورة البقرة . والمجيب هنا : مجيب الدعاء وهو الاستغفار . وإجابة الدعاء : إعطاء السائل مسؤوله .
( قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب [ 62 ] ) هذا جوابهم عن دعوته البليغة الوجيزة الملأى إرشادا وهديا . وهو جواب ملئ بالضلال والمكابرة وضعف الحجة .
وافتتاح الكلام بالنداء لقصد التوبيخ أو الملام والتنبيه كما تقدم في قوله ( قالوا يا هود ما جئتنا ببينة ) . وقرينة التوبيخ هنا أظهر وهي قولهم ( قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ) فإنه تعريض بخيبة رجائهم فيه فهو تعنيف .
و ( قد ) لتأكيد الخبر .
وحذف متعلق ( مرجوا ) لدلالة فعل الرجاء على أنه ترقب الخير أي مرجوا للخير . أي والآن وقع اليأس من خيرك . وهذا يفهم منه أنهم يعدون ما دعاهم إليه شرا وإنما خاطبوه بمثل هذا لأنه بعث فيهم وهو شاب " كذا قال البغوي في تفسير سورة الأعراف " أي كنت مرجوا لخصال السيادة وحماية العشيرة ونصرة آلهتهم .
والإشارة في ( قبل هذا ) إلى الكلام الذي خاطبهم به حين بعثه الله إليهم .
وجملة ( أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ) بيان لجملة ( قد كنت فينا مرجوا ) باعتبار دلالتها على التعنيف واشتمالها على اسم الإشارة الذي تبينه أيضا جملة ( أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ) .
والاستفهام : إنكار وتوبيخ .
وعبروا عن أصنامهم بالموصول لما في الصلة من الدلالة على استحقاق تلك الأصنام أن يعبدوها في زعمهم اقتداء بآبائهم لأنهم أسوة لهم وذلك مما يزيد الإنكار اتجاها في اعتقادهم .
A E