وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

" وأما من حيث النظر إلى ترتيب الجمل فذلك أنه قد قدم النداء على الأمر فقيل ( يا أرض ابلعي ويا سماء أقلعي ) دون أن يقال : ابلعي يا أرض وأقلعي يا سماء جريا على مقتضى اللازم فيمن كان مأمورا حقيقة من تقديم التنبيه ليتمكن الأمر الوارد عقيبه في نفس المنادى قصدا بذلك لمعنى الترشيح .
" ثم قدم أمر الأرض على أمر السماء وابتدئ به لابتداء الطوفان منها ونزولها لذلك في القصة منزلة الأصل والأصل بالتقديم أولى ثم أتبعها قوله ( وغيض الماء ) لاتصاله بغيضية الماء وأخذه بحجزتها ؛ ألا ترى أصل الكلام : قيل يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ماءها ويا سماء أقلعي عن إرسال الماء فأقلعت عن إرساله وغيض الماء النازل من السماء فغاض ثم أتبعه ما هو المقصود من القصة وهو قوله تعالى ( وقضي الأمر ) أي أنجز الموعود . . ثم أتبعه حديث السفينة وهو قوله ( واستوت على الجودي ) ثم ختمت القصة بما ختمت... .
" وأما النظر فيها من جانب الفصاحة المعنوية فهي كما ترى نظم للمعاني لطيف وتأدية لها ملخصة مبينة لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد . ولا التواء يشيك الطريق إلى المرتاد بل إذا جربت نفسك عند استماعها وجدت ألفاظها تسابق معانيها ومعانيها تسابق ألفاظها " .
" وأما النظر فيها من جانب الفصاحة اللفظية فألفاظها على ما ترى عربية مستعملة جارية على قوانين اللغة سليمة عن التنافر بعيدة عن البشاعة عذبة على العذبات سلسة على الأسلات . . " . هذه نهاية كلام المفتاح .
( ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين [ 45 ] قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين [ 46 ] قال رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين [ 47 ] ) موقع الآية يقتضي أن نداء نوح عليه السلام هذا كان بعد استواء السفينة على الجودي نداء دعاه إليه داعي الشفقة فأراد به نفع ابنه في الآخرة بعد اليأس من نجاته في الدنيا لأن الله أعلمه أنه لا نجاة إلا للذين يركبون السفينة ولأن نوحا عليه السلام لما دعا ابنه إلى ركوب السفينة فأبى وجرت السفينة قد علم أنه لا وسيلة إلى نجاته فكيف يسألها من الله فتعين أنه سأل له المغفرة ويدل لذلك قوله تعالى ( فلا تسألني ما ليس لك به علم ) كما سيأتي .
ويجوز أن يكون دعاء نوح عليه السلام هذا وقع قبل غرق الناس أي نادى ربه أن ينجي ابنه من الغرق .
ويجوز أن يكون بعد غرق من غرقوا أي نادى ربه أن يغفر لابنه وأن لا يعامله معاملة الكافرين في الآخرة .
والنداء هنا نداء دعاء فكأنه قيل : ودعا نوح ربه لأن الدعاء يصدر بالنداء غالبا والتعبير عن الجلالة بوصف الرب مضافا إلى نوح عليه السلام تشريف لنوح وإيماء إلى رأفة الله به وأن نهيه الوارد بعده نهي عتاب .
وجملة ( فقال رب إن ابني من أهلي ) بيان للنداء ومقتضى الظاهر أن لا تعطف بفاء التفريع كما لم يعطف البيان في قوله تعالى ( إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني ) وخولف ذلك هنا . ووجه في الكشاف اقترانه بالفاء بأن فعل ( نادى ) مستعمل في إرادة النداء أي مثل فعل ( قمتم ) في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) الآية يريد أن ذلك إخراج للكلام على خلاف مقتضى الظاهر فإن وجود الفاء في الجملة التي هي بيان للنداء قرينة على أن فعل ( نادى ) مستعار لمعنى إرادة النداء أي أراد نداء ربه فأعقب إرادته بإصدار النداء وهذا إشارة الى أنه أراد النداء فتردد في الإقدام عليه لما علم من قوله تعالى ( إلا من سبق عليه القول منهم ) فلم يطل تردده لما غلبته الشفقة على ابنه فأقدم على نداء ربه ولذلك قدم الاعتذار بقوله ( إن ابني من أهلي ) . فقوله ( إن ابني من أهلي ) خبر مستعمل في الاعتذار والتمهيد لأنه يريد أن يسأل سؤالا لا يدري قبوله ولكنه اقتحمه لأن المسؤول له من أهله فله عذر الشفقة عليه . وتأكيد الخبر ب ( إن ) للاهتمام به .
A E