وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما ذكر أحوال البالغين أقصى غايات الخسارة ذكر مقابلهم الذين بلغوا أعلى درجات السعادة . فالجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأن النفوس تشرئب عند سماع حكم الشيء إلى معرفة حكم ضده .
والإخبات : الخضوع والتواضع أي أطاعوا ربهم أحسن طاعة .
وموقع ( أولئك ) هنا مثل موقعه في الآية قبلها .
وجملة ( هم فيها خالدون ) في موقع البيان لجملة ( أصحاب الجنة ) لأن الخلود في المكان هو أحق الأحوال بإطلاق وصف الصاحب على الحال بذلك المكان إذ الأمكنة لا تقصد إلا لأجل الحلول فيها فتكون الجملة مستأنفة لبيان ما قبلها فمنزلتها منزلة عطف البيان ولا تعرب في موضع خبر ثان عن اسم الإشارة . وقد تقدم نظيرها في سورة البقرة في قوله ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) . فعد إليه وزد إليه ما هنا .
( مثل الفريقين كالأعمى والأصم و البصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون [ 24 ] ) بعد أن تبين الاختلاف بين حال المشركين المفترين على الله كذبا وبين حال الذين آمنوا وعملوا الصالحات في منازل الآخرة أعقب ببيان التنظير بين حالي الفريقين المشركين والمؤمنين بطريقة تمثيل ما تستحقه من ذم ومدح .
فالجملة فذلكة للكلام وتحصيل له وللتحذير من مواقعة سببه .
والمثل بالتحريك : الحالة والصفة كما في قوله تعالى ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) الآية من سورة الرعد أي حالة الفريقين المشركين والمؤمنين تشبه حال الأعمى الأصم من جهة وحال البصير السميع من الجهة الأخرى فالكلام تشبيه وليس استعارة لوجود كاف التشبيه وهو أيضا تشبيه مفرد لا مركب .
والفريقان هما المعهودان في الذكر في هذا الكلام وهما فريق المشركين وفريق المؤمنين إذ قد سبق ما يؤذن بهذين الفريقين من قوله ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) . ثم قوله ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ) الآية .
والفريق : الجماعة التي تفارق أي يخالف حالها حال جماعة أخرى في عمل أو نحلة . وتقدم عند قوله تعالى ( فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) في سورة الأنعام .
شبه حال فريق الكفار في عدم الانتفاع بالنظر في دلائل وحدانية الله الواضحة من مخلوقاته بحال الأعمى وشبهوا في عدم الانتفاع بأدلة القرآن بحال من هو أصم .
وشبه حال فريق المؤمنين في ضد ذلك بحال من كان سليم البصر سليم السمع فهو في هدى ويقين من مدركاته .
وترتيب الحالين المشبه بهما في الذكر على ترتيب ذكر الفريقين فيما تقدم ينبي بالمراد من كل فريق على طريقة النشر المرتب . والترتيب في اللف والنشر هو الأصل والغالب .
وقد علم أن المشبهين بالأعمى والأصم هم الفريق المقول فيهم ( ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) .
والواو في قوله ( والأصم ) للعطف على ( الأعمى ) عطف أحد المشبهين على الآخر . وكذلك الواو في قوله ( والسميع ) للعطف على ( البصير ) .
وأما الواو في قوله ( والبصير ) فهي لعطف التشبيه الثاني على الأول وهو النشر بعد اللف . فهي لعطف أحد الفريقين على الآخر والعطف بها للتقسيم والقرينة واضحة .
وقد يظن الناظر أن المناسب ترك عطف صفة ( الأصم ) على صفة ( الأعمى ) كما لم يعطف نظيراتهما في قوله تعالى ( صم بكم عمي ) في سورة البقرة ظنا بأن مورد الآيتين سواء في أن المراد تشبيه من جمعوا بين الصفتين . وذلك أحد وجهين ذكرهما صاحب الكشاف . وقد أجاب أصحاب حواشي الكشاف بأن العطف مبني على تنزيل تغاير الصفات منزلة تغاير الذوات . ولم يذكروا لهذا التنزيل نكتة ولعلهم أرادوا أنه مجرد استمال في الكلام كقول ابن زيابة : A E .
يا لهف زيابة للحارب ال ... صابح فالغانم فالآيب والوجه عندي في الداعي إلى عطف صفة ( الأصم ) على صفة ( الأعمى ) أنه ملحوظ فيه أن لفريق الكفار حالين كل حال منهما جدير بتشبيهه بصفة من تينك الصفتين على حدة فهم يشبهون الأعمى في عدم الاهتداء إلى الدلائل التي طريق إدراكها البصر ويشبهون الأصم في عدم فهم المواعظ النافعة التي طريق فهمها السمع فهم في حالتين كل حال منهما مشبه به ففي قوله تعالى ( كالأعمى والأصم ) تشبيهان مفرقان كقول امرئ القيس : .
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي