وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والنفع المنفي هو النفع في الآخرة بالنجاة من العذاب لأن نفع الدنيا بكشف العذاب عند مجيء الآيات لا ينفع النفوس المؤمنة ولا الكافرة لقوله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) وقول رسول الله A " ثم يحشرون على نياتهم " .
والمراد بالنفس : كل نفس لوقوعه في سياق النفي .
وجملة : ( لم تكن آمنت من قبل ) صفة ( نفسا ) وهي صفة مخصصة لعموم : ( نفسا ) أي : النفس التي لم تكن آمنت من قبل إتيان بعض الآيات لا ينفعها إيمانها إذا آمنت عند نزول العذاب فعلم منه أن النفس التي كانت آمنت من قبل نزول العذاب ينفعها إيمانها في الآخرة . وتقديم المفعول في قوله : ( نفسا إيمانها ) ليتم الإيجاز في عود الضمير .
وقوله : ( أو كسبت في إيمانها خيرا ) عطف على ( آمنت ) أي أو لم تكن كسبت في إيمانها خيرا .
و ( في ) للظرفية وإنما يصلح للظرفية مدة الإيمان لا الإيمان أي أو كسبت في مدة إيمانها خيرا .
والخير هو العمال الصالحة والطاعات .
و ( أو ) للتقسيم في صفات النفس فيستلزم تقسيم النفوس التي خصصتها الصفتان إلى قسمين : نفوس كافرة لم تكن آمنت من قبل فلا ينفعها إيمانها يوم يأتي بعض آيات الله ونفوس أمنت ولم تكسب خيرا في مدة إيمانها فهي نفوس مؤمنة فلا ينفعها ما تكسبه من خير يوم يأتي بعض آيات ربك . وهذا القسم الثاني ذو مراتب متفاوتة لأن التقصير في اكتساب الخير متفاوت فمنه إضاعة لأعمال الخير كلها ومنه إضاعة لبعضها ومنه تفريط في الإكثار منها . وظاهر الآية يقتضي أن المراد نفوس لم تكسب في إيمانها شيئا من الخير أي اقتصرت على الإيمان وفرطت في جميع أعمال الخير .
A E وقد علم من التقسيم أن هذه النفوس لا ينفعها اكتساب الخير من بعد مجيء الآيات ولا ما يقوم مقام اكتساب الخير عند الله وهو ما من به على هذه الأمة من غفران السيئات عند التوبة فالعزم على الخير هو التوابة أي العزم على اكتساب الخير فوقع في الكلام إيجاز حذف اعتمادا على القرينة الواضحة . والتقدير : لا ينفع نفسا غير مؤمنة إيمانها أو نفسا لم تكن كسبت خيرا في إيمانها من قبل كسبها يعني أو ما يقوم مقام كسب الخير مثل التوبة فأنها بعض اكتساب الخير وليس المراد أنه لا ينفع نفسا مؤمنة إيمانها إذا لم تكن قد كسبت خيرا بحيث يضع الإيمان إذا لم يقع اكتساب الخير لأنه لو أريد ذلك لما كانت فائدة للتقسيم ولكفي أن يقال لا ينفع نفسا إيمانها لم تكسب خيرا لأن الأدلة القطعية ناهضة على أن الأيمان الواقع قبل مجيء الآيات لا يدحض إذا فرط صاحبه في شيء من الأعمال الصالحة ولأنه لو كان كذلك وسلمناه لما اقتضى أكثر من أن الذي لم يفعل الخير عدا أنه آمن لا ينفعه إيمانه وذلك إيجاد قسم لم يقل به أحد من علماء الإسلام .
وبذلك تعلم أن الآية لا تنهض حجة للمعتزلة ولا الخوارج الذين أوجبوا خلود مرتكب الكبيرة غير التائب في النار والتسوية بينه وبين الكافر وإن كان ظاهرها قبل التأمل يوهم أنها حجة لهم ولأنه لو كان الأمر كما قالوا لصار الدخول في الإيمان مع ارتكاب كبيرة واحدة عبثا لا يرضاه عاقل لنفسه لأنه يدخل في كلفة كثير من الأعمال بدون جدوى عليه منها ولكان أهون الأحوال على مرتكب الكبيرة أن يخلع ربقة الإيمان إلى أن يتوب من الأمرين جميعا . وسخافة هذا اللازم لأصحاب هذا المذهب سخافة لا يرضاها من له نظر ثاقب . والاشتغال بتبيين ما يستفاد من نظم الآية من ضبط الحد الذي ينتهي عنده الانتفاع بتحصيل الإيمان وتحصيل أعمال الخير أجدى من الخوض في لوازم معانيها من اعتبار الأعمال جزءا من الإيمان لا سيما مع ما في أصل المعنى من الاحتمال المسقط للاستدلال .
فصفة : ( لم تكن آمنت من قبل ) تحذير للمشركين من التريث عن الإيمان خشية أن يبغتهم يوم ظهور الآيات وهم المقصود من السياق . وصفة ( أو كسبت في إيمانها خيرا ) إدماج في أثناء المقصود لتحذير المؤمنين من الإعراض عن الأعمال الصالحة .
ثم إن أقوال المفسرين السالفين في تصوير هذين القسمين تفرقت تفرقا يؤذن باستصعاب استخلاص مقصود الآية من ألفاظها فلم تقارب الإفصاح بعبارة بينة ويجمع ذلك ثلاثة أقوال :