وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( أمم ) جمع أمة . والأمة أصلها الجماعة من الناس المتماثلة في صفات ذاتية من نسب أو لغة أو عادة أو جنس أو نوع . قيل : سميت أمة لأن أفرادها تؤم أمما واحدا وهو ما يجمع مقوماتها .
وأحسب أن لفظ أمة خاص بالجماعة العظيمة من البشر فلا يقال في اللغة أمة الملائكة ولا أمة السباع . فأما إطلاق الأمم على الدواب والطير في هذه الآية فهو مجاز أي مثل الأمم لأن كل نوع منها تجتمع أفراده في صفات متحدة بينها أمما واحدة وهو ما يجمعها وأحسب أنها خاصة بالبشر .
و ( دابة ) و ( طائر ) في سياق النفي يراد بهما جميع أفراد النوعين كما هو شأن الاستغراق فالإخبار عنهما بلفظ ( أمم ) وهو جمع على تأويله بجماعاتها أي إلا جماعاتها أمم أو إلا أفراد أمم .
وتشمل الأرض البحر لأنه من الأرض ولأن مخلوقاته يطلق عليها لفظ الدابة كما ورد في حديث سرية سيف البحر قول جابر بن عبد الله : فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر .
والمماثلة في قوله ( أمثالكم ) التشابه في فصول الحقائق والخاصات التي تميز كل نوع من غيره وهي النظم الفطرية التي فطر الله عليها أنواع المخلوقات . فالدواب والطير تماثل الأناسي في أنها خلقت على طبيعة تشترك فيها أفراد أنواعها وأنها مخلوقة لله معطاة حياة مقدرة مع تقدير ارازقها وولادتها وشبابها وهرمها ولها نظم لا تستطيع تبديلها . وليست المماثلة براجعة إلى جميع الصفات فإنها لا تماثل الإنسان في التفكير والحضارة المكتسبة من الفكر الذي اختص به الإنسان . ولذلك لا يصح إن يكون لغير الإنسان نظام دولة ولا شرائع ولا رسل ترسل إليهن لانعدام عقل التكليف فيهن وكذلك لا يصح أن توصف بمعرفة الله تعالى . وأما قوله تعالى ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) فذلك بلسان الحال في العجماوات حين نراها بهجة عند حصول ما يلائمها فنراها مرحة فرحة . وإنما ذلك بما ساق الله إليها من النعمة وهي لا تفقه أصلها ولكنها تحس بأثرها فتبتهج ولأن في كل نوع منها خصائص لها دلالة على عظيم قدرة الله وعلمه تختلف عن بقية الأنواع من جنسه والمقصد من هذا صرف الأفهام إلى الاعتبار بنظام الخلق الذي أودعه الله في كل نوع والخطاب في قوله ( أمثالكم ) موجه إلى المشركين .
وجملة ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) معترضة لبيان سعة علم الله تعالى وعظيم قدرته . فالكتاب هنا بمعنى المكتوب وهو المكنى عنه بالقلم المراد به ما سبق في علم الله وإرادته الجارية على وفقه كما تقدم في قوله تعالى ( كتب على نفسه الرحمة ) .
وقيل الكتاب بالقرآن . وهذا بعيد إذ لا مناسبة بالغرض على هذا التفسير فقد أورد كيف يشتمل القرآن على كل شيء . وقد بسط فخر الدين بيان ذلك لاختيار هذا القول وكذلك أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات .
والتفريط : الترك والإهمال وتقدم بيانه آنفا عند قوله تعالى : ( قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ) .
والشيء هو الموجود . والمراد به هنا أحوال المخلوقات كما يدل عليه السياق فشمل أحوال الدواب والطير فإنها معلومة لله تعالى مقدرة عنده بما أودع فيها من حكمة خلقه تعالى . وقوله ( ثم إلى ربهم يحشرون ) تقدم تفسيره آنفا في أول تفسير هذه الآية .
وفي الآية تنبيه للمسلمين على الرفق بالحيوان فإن الإخبار بأنها أمم أمثالنا تنبيه على المشاركة في المخلوقية وصفات الحيوانية كلها . وفي قوله ( ثم إلى ربهم يحشرون ) إلقاء للحذر من الاعتداء عليها بما نهى الشرع عنه من تعذيبها وإذا كان يقتص لبعضها من بعض وهي غير مكلفة فالاقتصاص من الإنسان لها أولى بالعدل . وقد ثبت في الحديث الصحيح : أن الله شكر للذي سقى الكلب العطشان وأن الله أدخل امرأة النار في هرة حبستها فماتت جوعا .
( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم [ 39 ] ) يجوز أن تكون الواو للعطف والمعطوف عليه جملة ( إنما يستجيب الذين يسمعون ) . والمعنى : والذين كذبوا بآياتنا ولم يستمعوا لها أي لا يستجيبون بمنزلة صم وبكم في ظلمات لا يهتدون .
A E