وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد ب ( الجاهلين ) يجوز أن يكون من الجهل الذي هو ضد العلم كما في قوله تعالى خطابا لنوح ( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) وهو ما حمل عليه المفسرون هنا ويجوز أن يكون من الجهل ضد الحلم أي لا تضق صدرا بإعراضهم . وهو أنسب بقوله ( وإن كان كبر عليك إعراضهم ) . وإرادة كلا المعنيين ينتظم مع مفاد الجملتين : جملة ( وإن كان كبر عليك إعراضهم ) وجملة ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) . ومع كون هذه الجملة تذييلا للكلام السابق فالمعنى : فلا يكبر عليك إعراضهم ولا تضق به صدرا وأيضا فكن عالما بأن الله لو شاء لجمعهم على الهدى . وهذا إنباء من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأمر من علم الحقيقة يختص بحالة خاصة فلا يطرد في غير ذلك من مواقف التشريع .
وإنما عدل عن الأمر بالعلم لأن النهي عن الجهل يتضمنه فيتقرر في الذهن مرتين ولأن في النهي عن الجهل بذلك تحريضا على استحضار العلم به كما يقال للمتعلم : لا تنس هذه المسألة . وليس في الكلام نهي عن شيء تلبس به الرسول صلى الله عليه وسلم كما توهمه جمع من المفسرين وذهبوا فيه مذاهب لا تستبين .
( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون [ 36 ] ) A E تعليل لما أفاده قوله ( وإن كان كبر عليك إعراضهم إلى قوله فلا تكونن من الجاهلين ) من تأييس من ولوج الدعوة إلى أنفسهم أي لا يستجيب الذين يسمعون دون هؤلاء الذين حرمهم فائدة السمع وفهم المسموع .
ومفهوم الحصر مؤذن بإعمال منطوقه الذي يؤمئ إلى إرجاء بعد تاييس بأن الله جعل لقوم آخرين قلوبا يفقهون بها وآذانا يسمعون بها فأولئك يستجيبون .
وقوله ( يستجيب ) بمعنى يجيب فالسين والتاء زائدان للتأكيد وقد تقدم الكلام على هذا الفعل عند قوله تعالى ( فاستجاب لهم ربهم ) في سورة آل عمران . وحذف متعلق ( يستجيب ) لظهوره من المقام لأن المقام مقام الدعوة إلى التوحيد وتصديق الرسول .
ومعنى ( يسمعون ) أنهم يفقهون ما يلقى إليهم من الإرشاد لأن الضالين كمن لا يسمع . فالمقصود سمع خاص وهو سمع الاعتبار .
أما قوله ( والموتى يبعثهم الله ) فالوجه أنه مقابل ل ( لذين يسمعون ) ولذلك حسن عطف هذه الجملة على جملة ( إنما يستجيب الذين يسمعون ) . فمعنى الكلام : وأما المعرضون عنك فهم مثل الموتى فلا يستجيبون كقوله ( إنك لا تسمع الموتى ) . فحذف من الكلام ما دل عليه السياق فإن الذي لا يسمع قد يكون فقدان سمعه من علة كالصمم وقد يكون من عدم الحياة كما قال عبد الرحمان بن الحكم الثقفي : .
لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي فتضمن عطف ( والموتى يبعثهم الله ) تعريضا بأن هؤلاء كالأموات لا ترجى منهم استجابة . وتخلص إلى وعيدهم بأنه يبعثهم بعد موتهم أي لا يرجى منهم رجوع إلى الحق إلى أن يبعثوا وحينئذ يلاقون جزاء كفرهم . ( والموتى ) استعارة لمن لا ينتفعون بعقولهم ومواهبهم في أهم الأشياء وهو ما يرضي الله تعالى . و ( يبعثهم ) على هذا حقيقة وهو ترشيح للاستعارة لأن البعث من ملائمات المشبه به في العرف وإن كان الحي يخبر عنه بأنه يبعث أي بعد موته ولكن العرف لا يذكر البعث إلا باعتبار وصف المبعوث بأنه ميت .
ويجوز أن يكون البعث استعارة أيضا للهداية بعد الضلال تبعا لاستعارة الموت لعدم قبول الهدى على الوجهين المعروفين في الترشيح في فن البيان من كونه تارة يبقى على حقيقته لا يقصد منه إلا تقوية الاستعارة وتارة يستعار من ملائم المشبه به إلى شبهه من ملائم المشبه كقوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ) . فيكون على هذا الوجه في الكلام وعد للرسول A بأن بعض هؤلاء الضالين المكذبين سيهديهم الله تعالى إلى الاسلام وهم من لم يسبق في علمه حرمانهم من الإيمان