وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استؤنف هذه الآي استئنافا ابتدائيا لشرع أحكام التوثق للوصية لأنها من جملة التشريعات التي تضمنتها هذه السورة تحقيقا لإكمال الدين واستقصاء لما قد يحتاج إلى عمله المسلمون . وموقعها هنا سنذكره .
وقد كانت الوصية مشروعة بآية البقرة ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) . وتقدم القول في ابتداء مشروعيتها وفي مقدار ما نسخ من حكم تلك الآية وما أحكم في موضعه هنالك . وحرص رسول الله A على الوصية وأمر بها فكانت معروفة متداولة منذ عهد بعيد من الإسلام . وكانت معروفة في الجاهلية كما تقدم في سورة البقرة . وكان المرء يوصي لمن يوصي له بحضرة ورثته وقرابته فلا يقع نزاع بينهم بعد موته مع ما في النفوس من حرمة الوصية والحرص على إنفاذها حفظا لحق الميت إذ لا سبيل له إلى تحقيق حقه فلذلك استغنى القرآن عن شرع التوثق لها بالإشهاد خلافا لما تقدم به من بيان التوثق في التبايع بآية ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) والتوثق في الدين بآية ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين ) الخ فأكملت هذه الآية بيان التوثق للوصية اهتماما بها ولجدارة الوصية بالتوثيق لها لضعف الذياد عنها لأن البيوع والديون فيها جانبان عالمان بصورة ما انعقد فيها ويذبان عن مصالحهما فيتضح الحق من خلال سعيهما في إحقاق الحق فيها بخلاف الوصية فإن فيها جانبا واحدا وهو جانب الموصى له لان الموصي يكون قد مات وجانب الموصى له ضعيف إذ لا علم له بما عقد الموصي ولا بما ترك فكانت معرضة للضياع كلها أو بعضها .
وقد كان العرب في الجاهلية يستحفظون وصاياهم عند الموت إلى أحد يثقون به من أصحابهم أو كبراء قبيلتهم أو من حضر احتضار الموصي أو من كان أودع عند الموصي خبر عزمه . فقد أوصى نزار بن معد وصية موجزة وأحال أبناءه على الأفعى الجرهمي أن يبين لهم تفصيل مراده منها .
وقد حدثت في آخر حياة الرسول E حادثة كانت سببا في نزول هذه الآية . ولعل حدوثها كان مقارنا لنزول الآي التي قبلها فجاءت هذه الآية عقبها في هذا الموضع من السورة .
ذلك أنه كان في سنة تسع من الهجرة نزلت قضية ؛ هي أن رجلين أحدهما تميم الداري اللخمي والآخر عدي بن بداء كانا من نصارى العرب تاجرين وهما من أهل " دارين " وكانا يتجران بين الشام ومكة والمدينة . فخرج معهما من المدينة بديل بن أبي مريم مولى بني سهم وكان مسلما بتجارة إلى الشام فمرض بديل " قيل في الشام وقيل في الطريق برا أو بحرا " وكان معه في أمتعته جام من فضة مخوص بالذهب قاصدا به ملك الشام فلما اشتد مرضه أخذ صحيفة فكتب فيها ما عنده من المتاع والمال ودسها في مطاوي أمتعته ودفع ما معه إلى تميم وعدي وأوصاهما بأن يبلغاه مواليه من بني سهم . وكان بديل مولى للعاصي بن وائل السهمي فولاؤه بعد موته لابنه عمرو ابن العاصي . وبعض المفسرين يقول : إن ولاء بديل لعمرو بن العاصي والمطلب بن وداعة . ويؤيد قولهم أن المطلب حلف مع عمرو بن العاصي على أن الجام لبديل بن أبي مريم : فلما رجعا باعا الجام بمكة بألف درهم ورجعا إلى المدينة فدفعا ما لبديل إلى مواليه . فلما نشروه وجدوا الصحيفة فقالوا لتميم وعدي : أين الجام فأنكرا أن يكون دفع إليهما جاما . ثم وجد الجام بعد مدة يباع بمكة فقام عمرو ابن العاصي والمطلب بن أبي وداعة على الذي عنده الجام فقال : إنه ابتاعه من تميم وعدي . وفي رواية أن تميما لما أسلم في سنة تسع تأثم مما صنع فأخبر عمرو بن العاصي بخبر الجام ودفع له الخمسمائة الدرهم الصائرة اليه من ثمنه وطالب عمرو عديا ببقية الثمن فأنكر أن يكون باعه . وهذا أمثل ما روي في سبب نزول هذه الآية . وقد ساقه البخاري تعليقا في كتاب الوصايا . ورواه الترمذي في كتاب التفسير وقال : ليس إسناده بصحيح . وهو وإن لم يستوف شروط الصحة فقد اشتهر وتلقى بالقبول وقد أسنده البخاري في تاريخه .
A E