وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون [ 100 ] ) لما آذن قوله ( اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم ) وقوله ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) بأن الناس فريقان : مطيعون وعصاة فريق عاندوا الرسول ولم يمتثلوا وهم من بقي من أهل الشرك ومن عاضدهم من المنافقين وربما كانوا يظهرون للقبائل أنهم جمع كثير وأن مثلهم لا يكون على خطأ فأزال الله الأوهام التي خامرت نفوسهم فكانت فتنة أو حجة ضالة يموه بها بعض منهم على المهتدين من المسلمين . فالآية تؤذن بأن قد وجدت كثرة من أشياء فاسدة خيف أن تستهوي من كانوا بقلة من الأشياء الصالحة فيحتمل أن تكون تلك الكثرة كثرة عدد في الناس إذ معلوم في متعارف العرب في الجاهلية وفي أول الإسلام الاعتزاز بالكثرة والإعجاب بها . قال الأعشى : .
ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر وقال السمؤال أو عبد الملك الحارثي : .
" تعيرنا أنا قليل عديدنا وقد تعجب العنبري إذ لام قومه فقال : .
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشر في شيء وإن هانا قال السدي : كثرة الخبيث هم المشركون والطيب هم المؤمنون . وهذا المعنى يناسب لو يكون نزول هذه الآية قبل حجة الوداع حين كان المشركون أكثر عددا من المسلمين ؛ لكن هذه السورة كلها نزلت في عام حجة الوداع فيمكن أن تكون إشارة إلى كثرة نصارى العرب في الشام والعراق ومشارف الشام لأن المسلمين قد تطلعوا يومئذ إلى تلك الأصقاع وقيل : أريد منها الحرام والحلال من المال ونقل عن الحسن .
ومعنى ( لا يستوي ) نفي المساواة وهي المماثلة والمقاربة والمشابهة . والمقصود منه إثبات المفاضلة بينهما بطريق الكناية والمقام هو الذي يعين الفاضل من المفضول فإن جعل أحدهما خبيثا والآخر طيبا يعين أن المراد تفضيل الطيب . وتقدم عند قوله تعالى : ( ليسوا سواء ) في سورة آل عمران . ولما كان من المعلوم أن الخبيث لا يساوي الطيب وأن البون بينهما بعيد علم السامع من هذا أن المقصود استنزال فهمه إلى تمييز الخبيث من الطيب في كل ما يلتبس فيه أحدهما بالآخر وهذا فتح لبصائر الغافلين كيلا يقعوا في مهواة الالتباس ليعلموا أن ثمة خبيثا قد التف في لباس الحسن فتموه على الناظرين ولذلك قال ( ولو أعجبك كثرة الخبيث ) . فكان الخبيث المقصود في الآية شيئا تلبس بالكثرة فراق في أعين الناظرين لكثرته ففتح أعينهم للتأمل فيه ليعلموا خبثه ولا تعجبهم كثرته .
فقوله ( ولو أعجبك كثرة الخبيث ) من جملة المقول المأمور به النبي صلى الله عليه وسلم أي قل لهم هذا كله فالكاف في قوله : ( أعجبك ) للخطاب والمخاطب بها غير معين بل كل من يصلح للخطاب مثل ( ولو ترى إذ وقفوا على النار ) أي ولو أعجب معجبا كثرة الخبيث . وقد علمت وجه الإعجاب بالكثرة في أول هذه الآية .
وليس قوله ( ولو أعجبك كثرة الخبيث ) بمقتض أن كل خبيث يكون كثيرا ولا أن يكون أكثر من الطيب من جنسه فإن طيب التمر والبر والثمار أكثر من خبيثها وإنما المراد أن لا تعجبكم من الخبيث كثرته إذا كان كثيرا فتصرفكم عن التأمل من خبثه وتحدوكم إلى متابعته لكثرته أي ولكن انظروا إلى الأشياء بصفاتها ومعانيها لا بأشكالها ومبانيها أو كثرة الخبيث في ذلك الوقت بوفرة أهل الملل الضالة .
والإعجاب يأتي الكلام عليه عند قوله تعالى : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ) في سورة براءة .
وفي تفسير ابن عرفة قال " وكنت بحثت مع ابن عبد السلام وقلت له : هذه تدل على الترجيح بالكثرة في الشهادة لأنهم اختلفوا إذا شهد عدلان بأمر وشهد عشرة عدول بضده فالمشهور أن لا فرق بين العشرة والعدلين وهما متكاملان . وفي المذهب قول آخر بالترجيح بالكثرة . فقوله ( ولو أعجبك كثرة الخبيث ) يدل على أن الكثرة لها اعتبار بحيث إنها ما أسقطت هنا إلا للخبث ولم يوافقني عليه ابن عبد السلام بوجه . ثم وجدت ابن المنير ذكره بعينه . اه