وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعندي : أن الذي ألجأ النحويين والمفسرين لهذا التأويل هو البناء على أن ( أن ) تخلص المضارع للاستقبال فتقتضي أن قول أهل الكتاب : ما جاءنا بشير ولا نذير غير حاصل في حال نزول الآية وأنه مقدر حصوله في المستقبل . ويظهر أن إفادة ( أن ) تخليص المضارع للمستقبل إفادة أكثرية وليست بمطردة وقد ذهب إلى ذلك أبو حيان وذكر أن أبا بكر الباقلاني ذهب إليه بل قد تفيد ( أن ) مجرد المصدرية كقوله تعالى ( وأن تصوموا خير لكم ) وقول امرئ القيس : .
فإما تريني لا أغمض ساعة ... من الليل إلا أن أكب وأنعسا فإنه لا يريد أنه ينعس في المستقبل . وأن صرفها عن إفادة الاستقبال يعتمد على القرائن فيكون المعنى هنا أن أهل الكتاب قد قالوا هذا العذر لمن يلومهم مثل الذين اتبعوا الحنيفية كأمية بن أبي الصلت وزيد بن عمرو بن نفيل أو قاله اليهود لنصارى العرب .
وقوله ( فقد جاءكم بشير ونذير ) الفاء فيه للفصيحة وقد ظهر حسن موقعها بما قررت به معنى التعليل أي لأن قلتم ذلك فقد بطل قولكم إذ قد جاءكم بشير ونذير . ونظير هذا قول عباس بن الأحنف : .
قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ... ثم القفول فقد جئنا خراسانا ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين [ 20 ] يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين [ 21 ] قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون [ 22 ] ) عطف القصة على القصص والمواعظ . وتقدم القول في نظائر ( وإذ قال ) في مواضع منها قوله تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة ) في البقرة .
ومناسبة موقع هذه الآيات هنا أن القصة مشتملة على تذكير بنعم الله تعالى عليهم وحث على الوفاء بما عاقدوا الله عليه من الطاعة تمهيدا لطلب امتثالهم .
وقدم موسى عليه السلام أمره لبني إسرائيل بحرب الكنعانيين بتذكيرهم بنعمة الله عليهم ليهيئ نفوسهم إلى قبول هذا الأمر العظيم عليهم وليوثقهم بالنصر إن قاتلوا أعداءهم فذكر نعمة الله عليهم وعد لهم ثلاث نعم عظيمة : أولاها أن فيهم أنبياء ومعنى جعل الأنبياء فيهم يجوز أن يكون في عمود نسبهم فيما مضى مثل يوسف والأسباط وموسى وهارون ويجوز أن يراد جعل في المخاطبين أنبياء ؛ فيحتمل أنه أراد نفسه وذلك بعد موت أخيه هارون لأن هذه القصة وقعت بعد موت هارون ؛ فيكون قوله ( أنبياء ) جمعا أريد به الجنس فاستوى الإفراد والجمع لأن الجنسية إذا أريدت من الجمع بطلت منه الجمعية وهذا الجنس انحصر في فرد يومئذ كقوله تعالى ( يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) يريد محمدا صلى الله عليه وسلم أو أراد من ظهر في زمن موسى من الأنبياء . فقد كانت مريم أخت موسى نبية كما هو صريح التوراة " إصحاح 15 من الخروج " . وكذلك ألداد وميداد كانا نبيين في زمن موسى كما في التوراة " إصحاح 11 سفر العدد " . وموقع النعمة في إقامة الأنبياء بينهم أن في ذلك ضمان الهدى لهم والجري على مراد الله تعالى منهم وفيه أيضا حسن ذكر لهم بين الأمم وفي تاريخ الأجيال .
والثانية أن جعلهم ملوكا وهذا تشبيه بليغ أي كالملوك في تصرفهم في أنفسهم وسلامتهم من العبودية التي كانت عليهم للقبط وجعلهم سادة على الأمم التي مروا بها من الآموربين والعناقيين والحشبونيين والرفائيين والعمالقة والكنعانيين أو استعمل فعل ( جعلكم ) في معنى الاستقبال مثل ( أتى أمر الله ) قصدا لتحقيق الخبر فيكون الخبر بشارة لهم بما سيكون لهم .
والنعمة الثالثة أنه آتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين وما صدق ( ما ) يجوز أن يكون شيئا واحدا مما خص الله به بني إسرائيل ويجوز أن يكون مجموع أشياء إذ آتاهم الشريعة الصحيحة الواسعة الهدى المعصومة وأيدهم بالنصر في طريقهم وساق إليهم رزقهم المن والسلوى أربعين سنة وتولى تربية نفوسهم بواسطة رسله .
A E