وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أولهما بالمنع وهو أن نمنع أن يكون وجوب سماع دعوة الرسول متوقفا على الإصغاء إليه والنظر في معجزته وأنه لو لم يثبت وجوب ذلك بالعقل يلزم إفحام الرسول بل ندعي أن ذلك أمر ثبت بالشرائع التي تعاقب ورودها بين البشر بحيث قد علم كل من له علاقة بالمدنية البشرية بأن دعاة أتوا إلى الناس في عصور مختلفة ودعوتهم واحدة : كل يقول إنه مبعوث من عند الله ليدعو الناس إلى ما يريده الله منهم فاستقر في نفوس البشر كلهم أن هنالك إيمانا وكفرا ونجاة وارتباقا استقرارا لا يجدون في نفوسهم سبيلا إلى دفعه فإذا دعا الرسول الناس إلى الإيمان حضرت في نفس المدعو السامع تلك الأخبار الماضية والمحاورات فوجب عليه وجوبا اضطراريا استماعه والنظر في الأمر المقرر في نفوس البشر ولذلك آخذ الله أهل الفترة بالإشراك كما دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة . ولذلك فلو قدرنا أحدا لم يخالط جماعات البشر ولم يسبق له شعور بأن الناس آمنوا وكفروا وأثبتوا وعطلوا لما وجب عليه الإصغاء إلى الرسول لأن ذلك الانسياق الضروري مفقود عنده . وعلى هذا الوجه يكون الوجوب غير شرعي ولا عقلي نظري بل هو من الأمور الضرورية التي لا يستطاع دفعها فلا عجب أن تقع المؤاخذة بتعمد مخالفتها .
وثاني الجوابين بالتسليم غير أن ما وقر في جبلة البشر من استطلاع الحوادث والأخبار الجديدة والإصغاء لكل صاحب دعوة أمر يحمل كل من دعاه الرسول إلى الدين على أن يستمع لكلامه ويتلقى دعوته وتحديه ومعجزته فلا يشعر إلا وقد سلكت دعوته إلى نفس المدعو فحركت فيه داعية النظر فهو ينجذب إلى تلقي الدعوة رويدا رويدا حتى يجد نفسه قد وعاها وعلمها علما لا يستطيع بعده أن يقول : إني لا أنظر المعجزة أو لا أصغي إلى الدعوة . فإن هو أعرض بعد ذلك فقد اختار العمى على الهدى فكان مؤاخذا فلو قدرنا أحدا مر برسول يدعو فشغله شاغل عن تعرف أمره والإصغاء لكلامه والنظر في أعماله لسلمنا أنه لا يكون مخاطبا وأن هذا الواحد وأمثاله إذا أفحم الرسول لا تتعطل الرسالة ولكنه خسر هديه وسفه نفسه .
ولا يرد علينا أن من سمع دعوة الرسول فجعل أصابعه في أذنيه وأعرض هاربا حينئذ لا يتوجه إليه وجوب المعرفة لأن هذا ما صنع صنعه إلا بعد أن علم أنه قد تهيأ لتوجه المؤاخذة عليه إذا سمع فعصى وكفي بهذا شعورا منه بتوجه التكليف إليه فيكون مؤاخذا على استحبابه العمى على الهدى كما قال تعالى في قوم نوح ( وإني كلما دعوتهم " أي إلى الإيمان " لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم ) .
والإظهار في مقام الإضمار في قوله ( بعد الرسل ) دون أن يقال : بعدهم للاهتمام بهذه القضية واستقلالها في الدلالة على معناها حتى تسير مسرى الأمثال .
ومناسبة التذييل بالوصفين في قوله ( عزيزا حكيما ) : أما بوصف الحكيم فظاهرة لأن هذه الأخبار كلها دليل حكمته تعالى وأما بوصف العزيز فلأن العزيز يناسب عزته أن يكون غالبا من كل طريق فهو غالب من طريق المعبودية لا يسأل عما يفعل وغالب من طريق المعقولية إذ شاء أن لا يؤاخذ عبيده إلا بعد الأدلة والبراهين والآيات . وتأخير وصف الحكيم لأن إجراء عزته على هذا التمام هو أيضا من ضروب الحكمة الباهرة .
( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا [ 166 ] ) هذا استدراك على معنى أثاره الكلام : لأن ما تقدم من قوله ( يسألك أهل الكتاب ) مسوق مساق بيان تعنتهم ومكابرتهم عن أن يشهدوا بصدق الرسول A وصحة نسبة القرآن إلى الله تعالى فكان هذا المعنى يستلزم أنهم يأبون من الشهادة بصدق الرسول وأن ذلك يحزن الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء الاستدراك بقوله ( لكن الله يشهد ) . فإن الاستدراك تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه . والمعنى : لم يشهد أهل الكتاب لكن الله شهد وشهادة الله خير من شهادتهم .
A E