وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أما تكليم الله تعالى بعض عباده من الملائكة أو البشر فهو إيجاد ما يعرف منه الملك أو الرسول أن الله يأمر أو ينهى أو يخبر . فالتكليم تعلق لصفة الكلام بالمخاطب على جعل الكلام صفة مستقلة أو تعلق العلم بإيصال المعلوم إلى المخاطب أو تعلق الإرادة بإبلاغ المراد إلى المخاطب . فالأشاعرة قالوا : تكليم الله عبده هو أن يخلق للعبد إدراكا من جهة السمع يتحصل به العلم بكلام الله دون حروف ولا أصوات . وقد ورد تمثيله بأن موسى سمع مثل الرعد علم منه مدلول الكلام النفسي . قلت : وقد مثله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن أبي هريرة " أن الله تعالى إذا قضى الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم قالوا للذي قال " الحق وهو العلي الكبير " فعلى هذا القول لا يلزم أن يكون المسموع للرسول أو الملك حروفا وأصواتا بل هو علم يحصل له من جهة سمعه يتصل بكلام الله وهو تعلق من تعلقات صفة الكلام النفسي بالمكلم فيما لا يزال فذلك التعلق حادث لا محالة كتعلق الإرادة . وقالت المعتزلة : يخلق الله حروفا وأصواتا بلغة الرسول فيسمعها الرسول فيعلم أن ذلك من عند الله بعلم يجده في نفسه يعلم به أن ذلك ورد إليه من قبل الله إلا أنه ليس بواسطة الملك فهم يفسرونه بمثل ما نفسر به نحن نزول القرآن ؛ فإسناد الكلام إلى الله مجاز في الإسناد على قولهم لأن الله منزه عن الحروف والأصوات . والكلام حقيقة حروف وأصوات وهذه سفسطة في الدليل لأنه لا يقول أحد بأن الحروف والأصوات تتصف بها الذات العلية . وهو عندنا وعندهم غير الوحي الذي يقع في قلب الرسول وغير التبليغ الذي يكون بواسطة جبريل وهو المشار إليه بقوله تعالى ( أو من وراء حجاب ) .
أما كلام الله الوارد للرسول بواسطة الملك وهو المعبر عنه بالقرآن وبالتوراة وبالإنجيل وبالزبور : فتلك ألفاظ وحروف وأصوات يعلمها الله للملك بكيفية لا نعلمها يعلم بها الملك أن الله يدل بالألفاظ المخصوصة الملقاة للملك على مدلولات تلك الألفاظ فيلقيها الملك على الرسول كما هي قال تعالى ( أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء وقال نزل به الروح الأمين على قبلك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) . وهذا لا يمتري في حدوثه من له نصيب من العلم في الدين . ولكن أمسك بعض أئمة الإسلام عن التصريح بحدوثه أو بكونه مخلوقا في مجالس المناظرة التي غشيتها العامة أو ظلمة المكابرة والتحفز إلى النبز والأذى : دفعا للإيهام وإبقاء على النسبة إلى الاسلام وتنصلا من غوغاء الطغام فرحم الله نفوسا فتنت وأجسادا أوجعت وأفواها سكتت والخير أرادوا سواء اقتصدوا أم زادوا . والله حسيب الذين ألبوا عليهم وجمعوا وأغروا بهم وبئس ما صنعوا .
وقوله ( تكليما ) مصدر للتوكيد . والتوكيد بالمصدر يرجع إلى تأكيد النسبة وتحقيقها مثل ( قد ) و ( إن ) ولا يقصد به رفع احتمال المجاز ولذلك أكدت العرب بالمصدر أفعالا لم تستعمل إلا مجازا كقوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فإنه أراد أنه يطهرهم الطهارة المعنوية أي الكمال النفسي فلم يفد التأكيد رفع المجاز . وقالت هند بنت النعمان بن بشير تذم زوجها روح بن زنباع : .
بكى الخز من روح وأنكر جلده ... وعجت عجيجا من جذام المطارف وليس العجيج إلا مجازا فالمصدر يؤكد أي يحقق حصول الفعل المؤكد على ما هو عليه من المعنى قبل التأكيد .
A E