وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والظلم هو المحكي في سورة البقرة من امتناعهم من تصديق موسى إلى أن يروا الله جهرة وليس الظلم لمجرد طلب الرؤية ؛ لأن موسى قد سأل مثل سؤالهم مرة أخرى : حكاه الله عنه بقوله ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر اليك ) الآية في سورة الأعراف .
وبين أنهم لم يردعهم ذلك فاتخذوا العجل إلها من بعد ما جاءتهم البينات الدالة على وحدانية الله ونفي الشريك . وعطفت جملة اتخاذهم العجل بحرف ( ثم ) المفيد في عطفه الجمل معنى التراخي الرتبي . فإن اتخاذهم العجل إلها أعظم جرما مما حكي قبله ومع ذلك عفا الله عنهم وآتى موسى سلطانا مبينا أي حجة واضحة عليهم في تمردهم فصار يزجرهم ويؤنبهم . ومن سلطانه المبين أن أحرق لهم العجل الذي اتخذوه إلها .
ثم ذكر آيات أخرى أظهرها الله لهم وهي : رفع الطور والأمر بقتال أهل أريحا ودخولهم بابها سجدا . والباب يحتمل أنه باب مدينة أريحا ويحتمل أنه باب الممر بين الجبال ونحوها كما سيأتي عند قوله تعالى ( قال رجلان من الذين يخافون إلى قوله ادخلوا عليهم الباب ) في سورة العقود ؛ وتحريم صيد البحر عليهم في السبت . وقد مضى الكلام عليها جميعا في سورة البقرة .
وأخذ الميثاق عليهم : المراد به العهد ووصفه بالغليظ . أي القوي والغلظ من صفات الأجسام فاستعير لقوة المعنى وكنى به عن توثق العهد لأن الغلظ يستلزم القوة والمراد جنس الميثاق الصادق بالعهود الكثيرة التي أخذت عليهم وقد ذكر أكثرها في آي سورة البقرة والمقصود من هذا إظهار تأصلهم في اللجاج والعناد من عهد أنبيائهم تسلية للنبي A على ما لقي منهم وتمهيدا لقوله ( فبما نقضهم ميثاقهم ) .
وقوله ( لا تعدوا ) قرأه نافع في أصح الروايات وهي لورش عنه ولقالون في إحدى روايتيه عنه بفتح العين وتشديد الدال المضمومة أصله : لا تعتدوا والاعتداء افتعال من العدو يقال : اعتدى على فلان أي تجاوز حد الحق معه فلما كانت التاء قريبة من مخرج الدال ووقعت متحركة وقبلها ساكن تهيأ إدغامها فنقلت حركتها إلى العين الساكنة قبلها وأدغمت في الدال إدغاما لقصد التخفيف ولذلك جاز في كلام العرب إظهارها ؛ فقالوا : تعتدوا وتعدوا لأنها وقعت قبل الدال فكانت غير مجذوبة إلى مخرجه ولو وقعت بعد الدال لوجب إدغامها في نحو أدان . وقرأ الجمهور وقالون في إحدى روايتين عنه : ( لا تعدوا ) بسكون العين وتخفيف الدال مضارع مجزوم من العدو وهو العدوان كقوله ( إذ يعدون في السبت ) في سورة الأعراف . وفي إحدى روايتين عن قالون : باختلاس الفتحة وقرأه أبو جعفر : بسكون العين وتشديد الدال وهي رواية عن نافع أيضا رواها ابن مجاهد . قال أبو علي في الحجة : وكثير من النحويين ينكرون الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني منهما مدغما ولم يكن الأول منهما حرف لين نحو دابة يقولون : المد يصير عوضا عن الحركة قال : " وإذا جاز نحو دويبة مع نقصان المد الذي فيه لم يمتنع أن يجمع بين الساكنين في نحو : تعدوا . لأن ما بين حرف اللين وغيره يسير أي مع عدم تعذر النطق به .
( فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا [ 155 ] ) التفريع على قوله ( وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) والباء للسبيبة جارة ل ( نقضهم ) و ( ما ) مزيدة بعد الياء لتوكيد التسبب, وحرف ( ما ) المزيد بعد الباء لا يكف الباء عن عمل الجر وكذلك إذا زيد ( ما ) بعد ( من ) وبعد ( عن ) .
وأما إذا زيد بعد كاف الجر وبعد رب فإنه يكف الحرف عن عمل الجر .
ومتعلق قوله ( بما نقضهم ) : يجوز أن يكون محذوفا لتذهب نفس السامع في مذاهب الهول وتقديره : فعلنا بهم ما فعلنا . ويجوز أن يتعلق ( بحرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) وما بينهما مستطردات ويكون قوله ( فبظلم من الذين هادوا ) كالفذلكة الجامعة لجرائمهم المعدودة من قبل . ولا يصلح تعليق المجرور ب ( طبع ) لأنه وقع ردا على قولهم : ( قلوبنا غلف ) وهو من جملة المعطوفات الطالبة للتعلق لكن يجوز أن يكون ( طبع ) دليلا على الجواب المحذوف