وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقلب القلوب والأبصار : إما أن تتقلب وتتغير في أنفسها : وهو أن تضطرب من الهول والفزع وتشخص كقوله : " وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر " الأحزاب : 10 . وإما أن تتقلب أحوالها وتتغير فتفقه القلوب بعد أن كانت مطبوعا عليها لا تفقه وتبصر الأبصار بعد أن كانت عميا لا تبصر " أحسن ما عملوا " أي أحسن جزاء أعمالهم كقوله : " للذين أحسنوا الحسنى " يونس : 26 والمعنى يسبحون ويخافون ليجزيهم ثوابهم مضاعفا ويزيدهم على الثواب تفضلا . وكذلك معنى قوله : " الحسنى وزيادة " يونس : 26 المثوبة وزيادة عليها من التفضل . وعطاء الله تعالى : إما تفضل وإما ثواب وإما عوض " والله يرزق " ما يتفضل به " بغير حساب " فأما الثواب فله حساب لكونه على حسب الاستحقاق .
" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب " السراب ك ما يرى في الفلاة من ضوء الشمس وقت الظهيرة يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري . والقيعة : بمعنى القاع أو جمع قاع وهو المنبسط المستوي من الأرض كجيرة في جار . وقرئ : ( بقيعات ) : بتاء ممطوطة كديمات وقيمات في ديمة وقيمة . وقد جعل بعضهم بقيعاء بتاء مدورة كرجل عزهاة شبه مايعمله من لا يعتقد الإيمان ولا يتبع الحق من الأعمال الصالحة التي يحسبها تنفعه عند الله وتنجيه من عذابه ثم تخيب في العاقبة أمله ويلقى خلاف ما قدر بسراب يراه الكافر بالساهرة وقد غلبه المطش يوم القيامة فيحسبه ماء فيأتيه فلا يجد ما رجاه ويجد زبانية الله عنده يأخذونه فيعتلونه إلى جهنم فيسقونه الحميم والغساق وهم الذين قال الله فيهم : " عاملة ناصبة " الغاشية : 3 ، " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " الكهف : 104 ، " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " الفرقان : 23 وقيل : نزلت في عتبة بن ربيعة بن أمية وقد كان تعبد ولبس المسموح والتمس الدين في الجاهلية ثم كفر في الإسلام .
" أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " اللجي : العميق الكثير الماء . منسوب إلى اللج وهو معظم ماء البحر . وفي " أخرج " ضمير الواقع فيه " لم يكد يراها " مبالغة في لم يرها ؛ أي : لم يقرب أن يراها ؛ فضلا عن أن يراها . ومثله قول ذي الرمة : .
إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح .
أي لم يقرب من البراح فما باله يبرح ؟ شبه أعمالهم أولا في فوات نفعها وحضور ضررها بسراب لم يجده من خدعه من بعيد شيئا ولم يكفه خيبة وكمدا أن لم يجد شيئا كغيره من السراب حتى وجد عنده الزبانية تعتله إلى النار ولا يقتل ظمأه بالماء . وشبهها ثانيا في ظلمتها وسوادها لكونها باطلة وفي خلوها عن نور الحق بظلمات متراكمة من لج البحر والأمواج والسحاب ثم قال : ومن لم يوله نور توفيقه وعصمته ولطفه فهو في ظلمة الباطل لا نور له . وهذا الكلام مجراه مجرى الكنايات ؛ لأن الألطاف إنما تردف الإيمان والعمل الصالح . أو كونهما مترقبين ألا ترى إلى قوله : " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " العنكبوت : 69 وقوله : " ويضل الله الظالمين " إبراهيم : 27 وقرئ : ( سحاب ظلمات ) على الإضافة . وسحاب ظلمات برفع " سحاب " وتنوينه وجر " ظلمات " بدلا من " ظلمات " الأولى .
" ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ولله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير " " صافات " يصففن أجنحتهن في الهواء . والضمير في " علم " لكل أو لله . وكذلك في " صلاته وتسبيحه " والصلاة : الدعاء . ولا يبعد أن يلهم الله الطير دعاءه وتسبيحه كما ألهمها سائر العلوم الدقية التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها .
" ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله اليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار "