وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

نداء الأرض والسماء بما ينادي به الحيوان المميز على لفظ التخصيص والإقبال عليهما بالخطاب من بين سائر المخلوقات وهو قوله : يا أرض ويا سماء ثم أمرهما بما يؤمر به أهل التمييز والعقل من قوله : ابلعي ماءك وأقلعي من الدلالة على الاقتدار العظيم وأن السموات والأرض وهذه الأجرام العظام منقادة لتكوينه فيها ما يشاء غير ممتنعة عليه كأنها عقلاء مميزون قد عرفوا عظمته وجلالته وثوابه وعقابه وقدرته على كل مقدور وتبينوا تحتم طاعته عليهم وانقيادهم له وهم يهابونه ويفزعون من التوقف دون الامتثال له والنزول على مشيئته على الفور من غير ريث فكما يرد عليهم أمره كان المأمور به مفعولا لا حبس ولا إبطاء . والبلع : عبارة عن النشف . والإقلاع : الإمساك . يقال : أقلع المطر وأقلعت الحمى " وغيض الماء " من غاضه إذا نقصه " وقضي الأمر " وأنجز ما وعد الله نوحا من هلاك قومه " واستوت " واستقرت السفينة " على الجودي " وهو جبل بالموصل " وقيل بعدا " يقال بعد بعدا وبعدا إذا أرادوا البعد البعيد من حيث الهلاك والموت ونحو ذلك ولذلك اختص بدعاء السوء ومجيء أخباره على الفعل المبني للمفعول للدلالة على الجلال والكبرياء وأن تلك الأمور العظام لا تكون إلا بفعل فاعل قادر وتكوين مكون قاهر وإن فاعلها فاعل واحد لا يشارك في أفعاله فلا يذهب الوهم إلى أن يقول غيره : يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ولا أن يقضي ذلك الأمر الهائل غيره ولا أن تستوي السفينة على متن الجودي وتستقر عليه إلا بتسويته واقراره ولما ذكرنا من المعاني والنكت استفصح علماء البيان هذه الآية ورقصوا لها رؤوسهم لا لتجانس الكلمتين وهما قوله : ابلعي وأقلعي وذلك وإن كان لا يخلي الكلام من حسن فهو كغير الملتفت إليه بإزاء تلك المحاسن التي هي اللب وما عداها قشور . وعن قتادة : استقلت بهم السفينة لعشر خلون من رجب وكانت في الماء خمسين ومائة يوم واستقرت بهم على الجودي شهرا وهبط بهم يوم عاشوراء . وروي أنها مرت بالبيت فطافت به سبعا وقد أعتقه الله من الغرق . وروي أن نوحا صام يوم الهبوط وأمر من معه فصاموا شكرا لله تعالى .
" ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين " .
نداؤه ربه : دعاؤه له وهو قوله : " رب " مع ما بعده من اقتضاء وعده في تنجية أهله . فإن قلت : فإذا كان النداء هو قوله : رب فكيف عطف قال رب على نادى بالفاء ؟ قلت : أريد بالنداء إرادة النداء ولو أريد النداء نفسه لجاء كما جاء قوله : " إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب " مريم : 3 ، بغير فاء " إن ابني من أهلي " أي بعض أهلي لأنه كان ابنه من صلبه أو كان ربيبا له فهو بعض أهله " وإن وعدك الحق " وأن كل وعد تعده فهو الحق الثابت الذي لا شك في إنجازه والوفاء به وقد وعدتني أن تنجي أهلي فما بال ولدي ؟ " وأنت أحكم الحاكمين " أي أعلم الحكام وأعدلهم ؟ لأنه لا فضل لحاكم على غيره إلا بالعلم والعدل . ورب غريق في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زمانك قد لقب أقضى القضاة ومعناه أحكم الحاكمين فاعتبر واستعبر ويجوز أن يكون من الحكمة على أن يبني من الحكمة حاكم بمعنى النسبة كما قيل دارع من الدرع وحائض وطالق على مذهب الخليل " إنه عمل غير صالح " تعليل لانتفاء كونه من أهله . وفيه إيذان بأن قرابة الدين غامرة لقرابة النسب وأن نسيبك في دينك ومعتقدك من الأباعد في المنصب وإن كان حبشيا وكنت قرشيا لصيقك وخصيصك . ومن لم يكن على دينك وإن كان أمس أقاربك رحما فهو أبعد بعيد منك وجعلت ذاته عملا غير صالح مبالغة في ذمه كقولها : .
فإنما هي إقبال وإدبار